استعدادات القوى السياسية للانتخابات.. وقائع مؤتمر صحفي ساخن في أجواء باردة

[JUSTIFY]رغم أن المؤتمر الصحفي بالمركز السوداني للخدمات الصحفية ظهيرة أمس كان معنوناً باسم استعدادات القوى السياسية للانتخابات القادمة، إلا أن الحديث داخله تناول كثيراً من القضايا السودانية الملحة، مثلما امتد ليشمل استعدادات القوى التي كان ممثلوها حاضرين رغم أن بعضها أعلن عدم مشاركته في الاستحقاق الانتخابي القادم.
متحدثون من أحزاب سياسية مختلفة كانوا حاضرين في المؤتمر الصحفي الذي أزال لبس موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي حول مساندته ترشيح مرشح المؤتمر الوطني “عمر حسن أحمد البشير” لدورة رئاسية قادمة، كما كشف موقف الحركة الشعبية جناح (أصحاب القضية الحقيقية) وحزب العدالة والحركة الشعبية (جناح دانيال كودي) من الانتخابات القادمة.
{ انتخابات لا تلغي الحوار
بدأ الحديث في المؤتمر الصحفي الذي استمر زهاء الساعة والنصف، بعد أن تأخر عن ميقاته المضروب مدة نصف ساعة، “بشارة جمعة” الأمين السياسي لحزب العدالة الذي قال إن الانتخابات وسيلة سياسية للتداول السلمي للسلطة، مؤكداً أنهم في الحزب سيخوضونها رغم عدم تأكدهم من نزاهتها، لافتاً إلى أنهم يدخلونها بكل جرأة وقوة لممارسة حقهم الانتخابي، كاشفاً عن أنهم سيقدمون مرشحهم لانتخابات الرئاسة “ياسر يحيى صالح” حفيد الشاعر الوطني المعروف كمنافس لـ”البشير” لانتخابات الرئاسة، مبيناً أنهم يعملون جاهدين لترسيخ فكرة أن يختار الإنسان ما يريده، موضحاً أنهم سيسلمون أسماء مرشحيهم غداً (اليوم). وأوضح “بشارة” أن الاستمرار في الانتخابات لا يعني بأي حال إلغاء الحوار الوطني. وأردف: (سنخوض الانتخابات في كل الدوائر بنسب متفاوتة)، لافتاً إلى أن الحوار من شأنه أن يساهم في معالجة كثير من القضايا الوطنية الشائكة في حال توفرت الإرادة السياسية اللازمة. وانتقد “بشارة” الأحزاب التقليدية وعدّها السبب الأساسي فيما وصلت له البلاد من تشظٍ، كما انتقد تكلسها وعدم قدرتها على تجديد قادتها وعزلها للقوى الشبابية وعدم مواكبتها للمتغيرات الجديدة.
من جهته، قال اللواء “عبد الباقي قرفة” ممثل الحركة الشعبية (أصحاب الوجعة الحقيقيين) إنهم حاربوا مع الجبهة الثورية وحملوا السلاح ضد الحكومة، لكنهم توصلوا إلى أن الاستمرار في القتال لن يحل مشاكل السياسة، وتحولوا ليصبحوا حزباً سياسياً، وأضاف: (نحن نرى أن السودان لابد أن يستقر، لذلك سنخوض الانتخابات كحق طبيعي وديمقراطي، وسنخوضها على المستويات كافة عدا الرئاسية)، وأعلن أنهم يساندون ويدعمون ترشيح “عمر البشير” لدورة رئاسية قادمة، مبيناً أن الرئيس يعدّ أهلاً لقيادة السودان في وقت تواجه فيه البلاد تحديات كبيرة وهو رمز لوحدة البلاد، ولأنه أول من نادى بالحوار الجامع لكل أهل السودان بجميع مكوناته ولم يسبقه على ذلك أحد، وأضاف: (لو كانت هناك دعوة حقيقية للحوار في عامي 76 و83 لما قامت حرب الجنوب ولما استمرت الحرب حتى توقيع اتفاقية السلام في عام 2005)، وأردف: (كثير من أهل السودان لم يحسوا بمشاكل الحرب ولا يعلمون أن هناك مخططاً كبيراً من خارج السودان يتم تنفيذه داخل البلاد وهو أن تتحول البلاد إلى حالة الاقتتال الذي نراه الآن).. وقطع “قرفة” بأن المعارضة الداخلية ترتهن إلى رأي الجبهة الثورية قائلاً إنهم لن يدخلوا الانتخابات القادمة ما لم تأذن لهم الجبهة الثورية بذلك، مبيناً أنه لا يتوقع استجابتهم للحوار ما لم تأذن لهم الجبهة الثورية.
{ هجمات ساخنة
رغم أن ممثلي حزبي الاتحادي الديمقراطي الأصل والحركة الشعبية (جناح السلام) قدما إلى منصة المؤتمر متأخرين ساعة كاملة إلا أن الإفادات الساخنة التي قدمها ممثل الاتحادي ساهمت بقدر كبير في تحول الأجواء البادرة داخل القاعة إلى سخونة لافحة طالت الأحزاب التي تجلس مع الحكومة لمحاورتها.
وتطرق الفريق “محمد أحمد عرديب” نائب رئيس الحركة الشعبية (جناح السلام) إلى الإشكالات التي تعصف بالحزب، مبيناً أن “دانيال كودي” رئيس الحزب عمل على توظيف أسرته و(نسابته) داخل الحزب، وهو الأمر الذي جعل مجلس الأحزاب يحل الحزب بعد الشكوى التي تقدموا بها، لكنه عاد وقدم طعنه في المحكمة الدستورية، موضحاً أن هذه المشاكل التي تعصف بالبيت الداخلي جعلت مشاركة الحزب في الانتخابات القادمة أمراً صعباً، وأكد “عرديب” دعم ترشيح حزبه لـ”البشير)، واصفاً إياه بصمام الأمان، عادّاً الخلاف القومي أكبر من الخلاف على المستوى المحلي، مؤكداً أن همهم في الحركة الشعبية إيقاف النزيف في النيل الأزرق وجنوب كردفان، وأنهم لا يسعون إلى الكراسي بقدر ما يهمهم حل مشاكل تلك المناطق، منتقداً في ذات الوقت موقف كثير من الأحزاب المعروفة تجاه الأزمات الإنسانية في تلك المناطق قائلاً: (لا يوجد أي من الأحزاب قاد مبادرة لحل أزمات السودان في تلك المناطق)، مردفاً: (أكثر من ثلاثة أرباع الأحزاب هنا همها الأساسي هو كراسي السلطة).
وأكد القيادي بحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل “محمد المعتصم حاكم” أن قرار رئيس الحزب مولانا “محمد عثمان الميرغني” بعدم ترشيح “البشير” لدورة رئاسية قادمة يعدّ قراراً لمؤسسات الحزب وليس قراراً شخصياً، مبيناً أنه في غياب المؤتمر العام للحزب الذي غاب لفترة تزيد عن أربعين عاماً لأسباب وصفها بالموضوعية فإن قرارات الميرغني تعدّ رأي الحزب، فهو الذي ينوب عن المؤتمر العام في إصدار تلك القرارات. وقال “حاكم” إن “البشير” تم ترشيحه من قبل الحزب لكونه صاحب الوفاق الوطني، وإنهم يريدون منه أن يسعى إلى لمّ الشمل لمعالجة القضايا التي تمر بها البلاد.
ورغم الحديث المساند لمرشح الوطني إلا أن “حاكم” مضى إلى انتقاد كثرة الأحزاب التي يحاورها المؤتمر الوطني، واصفاً إياها بالأحزاب التي أتى بها “الترابي” وقال: (لا يمكن أن يكون هناك 80 حزباً سياسياً ومعظم تلك الأحزاب لا تعدو سوى أن يكون رئيسها وسكرتيرها مجرد “شنطة” فقط لا غير)، مقترحاً أن يتم التركيز في الحوار على الأحزاب التي شكلت برلمان 1986 الذي تكوّن من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية بطرفيها (الوطني والشعبي) والحزب الشيوعي، لافتاً إلى أن أنهم وافقوا على مسألة الحوار كون “الميرغني” قد أطلق مبادرة الوفاق الوطني في القاهرة عام 2005 ثم جددها في عام 2008، وعندما أطلقها “البشير” ساندها “الميرغني”، داعياً بقية الأحزاب إلى دعم الحوار الوطني، وأردف قائلاً: (أمامنا فرصة واحدة وأخيرة هي أن نكون أو لا نكون بنجاح الوفاق الوطني).

المجهر السياسي
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version