رغم اقتناعي أن هذا القرار هو محض تحصيل حاصل؛ لأن تأخير الساعة لا يغير من درجة الحرارة كثيراً، فالأطفال يخرجون من منازلهم قبل أكثر من ساعة من موعد الدخول إلى المدارس.. بل بعضهم يقف في انتظار المواصلات أكثر من ساعة.. لكن رغم ذلك، الأمر يجب أن ننظر إليه من زاوية أخرى.
أصلاً هذه الساعة التي تكرمت وزارة التربية بالتنازل عنها.. هي ساعة زائدة أدخلتها الحكومة، وورطتنا فيها، بقرارها العجيب الذي أطلق عليه (البكور).. نحن نعاني من هذه الساعة الزائدة التي وضعتنا في مدار زمني غير ملائم لطبيعة بلادنا.. بل وتسببت هذه الساعة في إهدار عمر الشعب السوداني كلّه، الذي فقد ساعة عمل يومياً.. ويمكن حساب الفاقد من عمر السودان بضرب هذا الزمن الضائع بعدد السودانيين في عمر الإنتاج.. نحن نخسر حوالى عشرين مليون ساعة يومياً..
قبل عدة سنوات رُفعت تقارير إلى الحكومة توضح الخسارة الجسيمة التي يسببها قرار البكور.. ووافقت الجهات المختصة في الحكومة على إصدار قرار بالتراجع، وإعادة السودان إلى توقيته العادي.. ورفعت التوصية إلى مجلس الوزراء قبل أكثر من سبع سنوات.. لكن عزَّ على الحكومة أن تتراجع.. أخذتها العزة بالإثم رغم يقينها بخطل قرار البكور (العجيب)!.
كل الذي فعلته الحكومة أنها تلاعبت والتفت على نفسها فعمدت إلى تأخير مواقيتها هي حتى لا تتأثر بساعة البكور.. افتعلت للعاملين في الحكومة توقيتًا صيفياً وآخر شتوياً.. فقط لإنقاذ موظفيها من ويلات قرار البكور.. وكانت النشرة الرئيسة في الإذاعة في الثالثة ظهراً فتحولت إلى الرابعة.. والنشرة المسائية الرئيسة تحولت من الساعة التاسعة إلى العاشرة.. وفي التلفزيون نفس الوضع.. وفقت الحكومة أوضاعها هي وتركت الشعب يعاني زمهرير البكور.
المطلوب من الحكومة إرجاع الساعة إلى توقيت السودان العادي (+2 جرينتش).. ليس فقط لاستعادة ساعة الإنتاج الضائعة.. بل للتواؤم مع التوقيت الدولي وموقعنا الجغرافي.. الذي يفرضه خط الطول.. فنحن الآن خارج مدارنا..
قرار تأجيل اليوم الدراسي أصدرته ولاية الخرطوم.. حسناً وما هو مصير التلاميذ في بقية أنحاء السودان.. فالطقس قومي ولا يرتبط بالحدود الولائية؛ ولئن دل القرار على شيء فهو أن الحكومة- دائماً- لا ترى أبعد ممّا ترى.. تصدر القرار الخطأ ثم تستنكف عن التراجع عنه..
بدلاً من تأخير اليوم الدراسي.. ارجعونا إلى توقيتنا العادي..
عثمان ميرغني- التيار