الطاهر ساتي : هذه حكاية أخرى، ويُمكن أن ينافس يها أهل الدرما في الجوائز الدولية حكاية عبد الله إبراهيم و شقيقته عائشة جاء إلى الخرطوم لإجراء عملية بأكبر مشافي البلد مستشفى الخرطوم..!! و عند الثانية صباحاً، ( إنفجر الدرب)

[JUSTIFY]:: وهذه حكاية أخرى، ويُمكن أن ينافس يها أهل الدرما في الجوائز الدولية، وهي تعكس أن أزمة المشافي – في طول البلاد وعرضها – ليست بأزمة مال أو طبيب، بل (أزمة إدارة)..ولن تتخلص المشافي من هذه الأزمة ما لم يصبح الطبيب طبيباً والإداري (إدارياً)، أي دارساً لعلوم الإدارة مع التخصص في إدارة المرافق الصحية، وليس دارساً للطب مع التخصص في الأنف والحنجرة والقلب – وغيره – كما الحال الراهن و( المتخلف جداً)..المهم، عبد الله إبراهيم، من أبناء أمري الجديدة، ويعمل مزارعاً هناك، وجاء بشقيقته عائشة إبراهيم – قبل ثلاثة أسابيع – إلى الخرطوم لإجراء عملية بأكبر مشافي البلد .. مستشفى الخرطوم..!!

:: بعد إجراء العملية، تم تحويل المريضة إلى عنبر الجراحة للمتابعة والعلاج..صرفوا للمريضة محاليل وريدية بميقات معلوم، وتحت إشراف ومتابعة كادر التمريض المسؤول على مرضى العنبر..عند الثانية صباحاً، ( إنفجر الدرب)، وهذا طبيعي ويحدث كثيراً وتتم المعالجة بنزع الإبرة ثم إعادة التركيب ..بإجتهاده، نزع شقيقها عبد الله الإبرة، وبحث عن كادر التمريض لإعادة التركيب ولم يجده..شئ طبيعي، ربما في الغرفة الخاصة بكوادر التمريض.. قصد عبد الله الغرفة ولم يجده، وطلب من آخرين كانوا بالغرفة لمعالجة الأمر، فردوا : ( نحن ما مسؤولين من العنبر داك)..!!

:: تجاوزهم، وقصد مكتب الطبيب المناوب، ولم يجده، ووجد آخر أرشده إلى مكان الطبيب المناوب : ( مشى يتعشى، إمشي لناس الحوادث يمكن تلقى زول يعالج ليكم المشكلة)..أكرر، الساعة الثانية صباحاً والطبيب المناوب ( مشى يتعشى)..كظم الغيظ والحزن، وقصد الحوادث والطوارئ وسألهم طبيباً أو ممرضاً (يُركب الدرب)، فأجابوا بأنهم غير مسؤولين عن العنابر ومن فيها..عاد عبد الله إلى الداخل، وطرق كل الأبواب المجاورة للعنبر، ولم يجد حلاً خلف الأبواب.. فالأبواب إما مغلقة بالداخل أو يخرج أحدهم ويرد على طلبه : ( في ممرض مسؤول من مريضتك، فتش عليه كويس، ح تلقاه)..!!

:: للصبر حدود، بعد ساعة من البحث عن كادر التمريض المسؤول عن مريضته وعن الطبيب المسؤول من كل المرضى، وعندما لم يجد المساعدة، إتصل عبد الله إبراهيم بالرقم (999)..نعم، إستنجد بشرطة النجدة وشرح للضابط المناوب عن المأساة التي يعيشها – وتعيشها شقيقته – في تلك الساعة، وكانت النجدة عند حسن ظنها..قبل أن تمضي الدقائق على الإتصال، إتصل به الملازم أول وطالبه بالحضور إلى ( البوابة الجنوبية)، ليرافقه إلى مكان ( الإهمال)، وكان يرافقه وكيل عريف.. وإرتبكوا جميعاً أمام الملازم أول عندما سألهم عن المسؤولين، وهرول نصف الكادر إلى عنبر الجراحة لتركيب المحلول الوريدي للمريضة وكانت الساعة تجاوزت الثالثة فجراً، وتنافسوا في التركيب..!!

:: وصباح اليوم التالي، سألوا كادر التمريض المسؤول عن سر غيابه، فأجابهم : ( ورديتي إنتهت، والبيغيرني ما جاء، وأنا وإتأخرت ومشيت).. هكذا الحكاية، ولمن يهمهم الأمر – وزيراً إتحادياً كان أو ولائياً – نُفيده بأن كل هذه التفاصيل بالأسماء والعناوين وأرقام الهواتف – مدنيين على عساكر- بطرفنا..ولكن قبل محاسبتهم، فكروا في الحلول الجذرية.. فالذين يديرون المشافي – في طول البلاد وعرضها – لا علاقة لهم بعلوم الإدارة ونُظمها وقواعدها وكلياتها، أي لم يدرسوها ولم يتخصصوا فيها ولم يكتسبوها بالممارسة، وآن الأوان بفصل الإدارة عن الطب في المشافي..وكل ميُسر لما خُلق له، وها هو التردي العام يكشف أن إستشاري النساء والتوليد أو إستشاري الجلدية والتناسلية غير مُيسر للإدارة..!!

صخيفة السوداني
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version