عبدالباقي الظافر: هدية الشيخ علي عثمان..!!

سطر الأستاذ علي عثمان أمس رسالة خطية لأمين عام المجلس الوطني.. في رسالته تنازل شيخ علي عثمان عن مخصصاته كنائب في البرلمان.. هدية الشيخ مضت مباشرة لخزينة الجمعية الخيرية للعاملين في المجلس الوطني.. ولكن قبل تلك الهدية كان الشيخ يهش بعصاه أمام النواب منافحا عن التعديلات الدستورية.. احتفى الشيخ بالتعديلات واعتبرها هدية حزبه للشعب السوداني في العام الجديد.
بداية لماذا اختار النائب الأول الشهر الأخير من الدورة البرلمانية ليقدم مكرمته المالية.. وهل العاملون في البرلمان أكثر حاجة من أطفال السرطان الذين لا يجدون ما يشترون به جرعة من الكيماوي؟؟.. والمعروف أن الشيخ يجب أن ينفق بيمينه مالا تعلمه يساره، رغم هذا تم الجهر بمبادرة الشيخ حتى تم تداول نسخة من رسالته الخطية بين الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي.. كان من الممكن استيعاب تلك المكرمة حينما كان الشيخ يجمع بين عضوية البرلمان ومنصبه في رئاسة الجمهورية.. الآن الشيخ لا يملك مصدر دخل حكومي إلا من نيابته في البرلمان رغم هذا أقدم الشيخ على هذه الخطوة.
الأستاذ علي عثمان مارس مساء الأحد الماضي ضغطا معنويا على نواب البرلمان حتى يكفوا عن نقاش التعديلات الدستورية المثيرة.. علي عثمان بمكانته التاريخية وخلفيته البرلمانية والقانونية وضع لحن الختام وكفى التعديلات شرور الجرح والتعديل والتبديل.. لم تكن تلك المرة الأولى التي يمرر فيها الشيخ كرة على المقاس ليحرز منها الرئيس هدفا ذهبيا.. ذات دور الموجه قام به الشيخ إبان السباق التمهيدي لاختيار مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية على مستوى المجلس القيادي للحزب الحاكم.. خطبة بليغة من الشيخ أنهت النقاش في ذاك المقام.
بيد أن السؤال هل ما قام به الشيخ علي عثمان هنا وهنالك كان ضروريا ليعبر الرئيس وخياراته.. الإجابة بكل تأكيد (لا).. المشير البشير، رئيس الجمهورية، لم يكن أبدا في حاجة لدعم الشيخ.. ما كان بوسع المؤتمر الوطني أن يختار رئيساً غير البشير إلا إذا اعتذر البشير من تلقاء نفسه عن المهمة.. كذلك لم تكن التعديلات الدستورية تحتاج لعصا شيخ علي لتنال الأغلبية الساحقة وتصبح قبل فجر اليوم التالي دستورا نافذا.
في تقديري أن الشيخ علي عثمان، يدرك تلك الحقائق والوقائع جيدا.. بل إنه يتصرف على ضوء تلك الثوابت.. ما يدفع الشيخ في اتجاه الوقوف أمام الرئيس فيما يريد أمرين.. الشيخ يدرك جيدا أن بطاقة البشير ستحسم أي صراع بين أجنحة الحزب الحاكم في الوقت الراهن.. الأستاذ علي عثمان يريد حسم الصراع الآن ومازالت عينه على المستقبل.. ما زال الشيخ يعتقد أن له دورا محوريا في المستقبل.. وأن مغادرته للقصر الرئاسي مجرد إجازة مفتوحة تنتهي بنهاية الدورة الأخيرة للرئيس البشير.
بصراحة.. حينما شعر الشيخ علي عثمان أن تأييده المندفع تجاه التعديلات الدستورية ربما يحسب على تاريخه السياسي الطويل، اخرج هديته المالية التي تجعل الناس تقول انظروا مازال هنالك رجل كريم بين صفوف الإنقاذ.
اغلب الظن أن الشيخ سيخسر الرهان في نهاية المطاف.. لن يحفظ تاريخه كرجل مباديء ولن يحقق أحلامه في إصابة السلطان.

عبدالباقي الظافر- التيار

Exit mobile version