لقد كان الموقف مؤثراً بجد وهز المشاعر ولم يمسك الناس أعصابهم وهم يسمعون إلى تلك الرواية الحزينة وكأنما البنت قد وضعت أمامهم وقد اضمحل جسدها وأصبح لونه كما وصفه والدها بالأسود.
تدافع المصلون صغاراً وكباراً نحو الرجل يقدمون ما يملكون عسى ولعل أن يخفف من آلامه ومعاناته رغم أن المال لن يفيد في تلك اللحظات، ولكن من الأفضل أن يطلب من المصلين أن يدعوا لها لأن رحمة الله واسعة، فالدعاء في تلك اللحظة مقبول أكثر من المال.. ولكن الإنسان خلق هلوعاً فلم يفكر في تلك اللحظة إلا عن كيفية الحصول على حفنة من المال عسى ولعل أن يجد طبيباً يكتب الشفاء على يده لها.
لقد عانى المواطن كثيراً من ناحية التطبيب وتحدثنا كثيراً عن التشخيص وعن الأخطاء الطبية فإذا شخصت حالة تلك البنت بصورة صحيحة لما فقد هذا الرجل كل ما يملك خلال ثمانية أشهر كما قال، ثم أظلمت الدنيا من بعد ذلك في وجهه، وطفلته لم تشف من مرضها، فأخيراً لجأ إلى المسجد طالباً يد العون والمساعدة.. لقد أصبحت تكلفة العلاج باهظة ولا أحد بمفرده يستطيع أن يقف في مواجهة الأمراض المستعصية والدولة رفعت يدها تماماً عن الصحة وحتى التأمين الصحي أحياناً لا يساعد في حل مشاكل المرضى بحجة أن هناك أدوية غير متوفرة لدى التأمين الصحي.. في كل الدنيا الإنسان لا يشيل هماً إذا مرض ولا يشيل هماً عند التعليم ولا ندري لماذا تراجعنا نحن ووصلنا إلى هذه الحالة بعد أن كانت المستشفيات تعالج المرضى مجاناً والمدارس تدرس مجاناً وأهل الإنقاذ حينما جاءوا قالوا جئنا لننقذ الشعب.
المججهر السياسي
خ.ي