“تفكك أسري” فارق السن بين الأزواج.. نعمة أم نقمة

[JUSTIFY]تتزايد بشكل مضطرد أعداد الفتيات اللاتي يفضلن الزواج برجل يكبرهنّ سناً، ممنين أنفسهم بسعادة مفترضة بحسابات المال والأعمال، والظروف الاقتصادية المُرة التي عمت البلاد، ضاربين بالتوافق الفكري والعاطفي عرض الحائط، في ظل الإغراء المادي الواقع عليها، متناسين أن الزواج تكوين لأسرة متفاهمة ومتناغمة يملؤها الحب والحنان، لكن هذا الاستغلال غير الموفق يقودهم في نهاية الأمر إلى مشكلات ومعضلات لن يستطيعنّ الفكاك منها إلا بعد الوصول إلى أبواب المحاكم، فأفرزت العديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية.

اختلاف في الكثير

أعرب عبداللطيف عمر (موظف) عن رفضه لمثل هذا الزواج جملة وتفصيلاً، لأنه يرى أن بناء أي أسرة يتأثر سلباً بزيجات كهذه. وقال إن الاختلاف في طريقة تفكير الطرفين وميولهما بحكم فارق السن تنتج عنه الكثير من المشاكل والمتاعب التي لا تحصى ولا تعد. وأضاف: نجاح هذه الزيجات ضعيف جداً مقابل المتقاربين سناً، لذلك أطلب من كل فتاة التريث قليلاً وأخذ وقتها في التفكير قبل أن تقدم على حياة محفوفة بالفشل.

وضع مزرٍ ولكن

أما زينب حمد (معلمة) ترى أن الأهل هم الذين يفرضون مثل هذه الزيجات على بناتهم مستغلين حقهم في الأمر والنهي في شؤون أبنائهم، لاهثين وراء الكسب المادي ورغد العيش بعد أن يغدق عليهم العريس بماله، وقالت صحيح إن الوضع الاقتصادي مزرٍ للغاية، لكن هذا لا يعني بيع بناتنا من أجل حفنة مال مقابل سعادتها وراحتها. ونادت الأسر بضرورة التفكير في الموضوع ملياً وعدم التسرع في اتخاذ القرار وبيع سعادة بناتهم التي لا تقدر بثمن لو يعلمون.

وضع أفضل

“تحسين وضعي وأسرتي هو ما أفكر فيه”، هكذا ابتدرت ريهام الطيب (خريجة جامعية) حديثها، تابعت: لذلك لن أتوانى إذا تقدم لي عريس سبعيني وثري يوفر لي كل طلباتي واحتياجاتي وأسرتي، لافتة في ذات الوقت إلى انخفاض معدل الزواج وسط الفتيات. وقالت عزوف الشباب عن الزواج بسبب الظروف الاقتصادية تسبب في عنوسة العديد من الفتيات، ويكون بذلك (فاتها قطار الزواج)، وهي في انتظار فتى الأحلام، وحينها لن تجد كبير السن ولا حتى الفقير سينظر إليها. وأردفت: الفتاة الواعية هي من تجد الفرصة وتستغلها أفضل استغلال.

مسؤولية ورشد

تنظر مها الفاتح (خريجة جامعية) للموضوع من منحى آخر، لأنها تجد في الرجل الكبير تحمل للمسؤولية وأكثر رشداً وسيطرة على الحياة بأكملها، بعكس الفتى الذي يمكن أن يتصرف بطيش وعدم مسؤولية. وقالت بالرغم من ذلك لا يعني هذا أن تتسرع الفتاة أو أسرتها في قبول أي شخص، فلابد من التدقيق في الاختيار، خاصة وأن هناك فتيات يفتقدن حنان الأبوة فيقعنّ فريسة سهلة لكل من يقدم لهنّ دعماً نفسياً ومعنوياً ويلعب ذلك دوراً كبيراً في قبولهنّ دون أي تفكير، حتى وإن لم يكن ذا مال.

الطلاق نهايته

تمانع ريماز إبراهيم الزواج من رجل يكبرها سناً مهما كانت الأسباب، وقالت أنا أرفض الزواج من رجل يكبرني سناً مهما كانت الظروف والملابسات، واعتبر أن الزواج بهذه الطريقة زواج منفعة من الدرجة الأولى وبيع وشراء واجتماع أطراف غير متكافئين في كل شيء، لذلك تتكلل نهايته دائماً بالطلاق. وترى أنه ليس هناك أفضل من زواج تتقارب فيه الأفكار والرؤى. وأكدت أن الوضع المادي لا يجلب السعادة إنما القناعة والرضا والتجاوب الفكري تعد أساساً للحياة الزوجة.

اضطرابات نفسية

عدَّت الباحثة النفسية سلمى عبدالرحمن التكافؤ العمري والتعليمي والثقافي والمادي أهم عنصر لإنجاح الحياة الزوجية. وقالت: إن تقارب عمر الزوجين يساهم بشكل مباشر في استقرار الزواج، لأن فشل الزواج يعرض الفتاة لإصابتها باضطرابات نفسية حادة جداً قد تلازمها مدى الحياة، لذلك أنصح الوالدين بالتدقيق في اختيار العريس المناسب لابنتهما وتغليب منفعتها على منفعتهما الخاصة، ولاسيما أن الطلاق يسبب اضطرابات نفسية كبيرة جداً للطرفين. وقد أثبتت دراسات أُجريت حديثاً أن الرجل يتأثر بفشل الحياة الزوجية أكثر من المرأة، وأن تاريخه الشخصي وما تعرض له في حياته وبيئته ونمط حياته هي التي تحدد درجة تأثره بالحدث.

تفكك أسري

أشارت الباحثة في الدراسات الاجتماعية مروة عبدالرازق إلى ما حدث من مُتغيرات في المجتمع السوداني. وقالت إن ما حدث من شروخ في المجتمع يرجع في المقام الأول إلى الظروف الاقتصادية التي اعترت الوطن، فالكل يسعى ويلهث لجمع أكبر قدر من المال وبشتى الطرق، والزواج وطريقته إحدى هذه الوسائل، فاعتقاد رب الأسرة أن زواج ابنته من رجل يكبرها سناً ولديه مال يكفيه لأحفاد أحفاده هو مكمن الأمن والسلامة لابنته من ناحية، وله من الناحية الأخرى بعد أن يمطر عليه بوابل ماله مقابل تزوجيه ابنته. وأضافت قد لا يكون للوالد دخل في الاختيار وأن البنت هي التي وافقت عليه بمحض إرادتها، لكن في نهاية الأمر النتيجة واحدة.

وحذَّرت مروة من نتائج تلك الزيجات، التي تفرز آثاراً سالبة على الأسرة والمجتمع كالتفكك الأسري الذي تنعكس آثاره على الأطفال من الناحية النفسية والاجتماعية والتربوية بدءاً من الاضطرابات النفسية التي تؤدي إلى الانحراف وارتكاب الجرائم.

اليوم التالي
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version