ما هو اللون هل هو ذلك الضوء المنعكس على عيوننا ام اللون إحساس داخلي يجعل الشخص هو من يحدد اللون، أحياناً تجد شخصاً فرِحاً ومتفائلاً يصف لك لون الحياة قائلاً الحياة وردية اللون، من منكم رأى لون الحياة هذا، المتشائمون يصفون لون الحياة بالسواد ( والله شايف الحياة سوداوية) من منكم رأى هذا اللون الأسود للحياة! كل هذه الألوان مجازية تخضع لنفسية الشخص ومدى تقبله للحياة اوعزوفه عنها، وقد إرتبط اللون بالمناسبات ففي أعياد الحب والميلاد يُهدى الورد الأحمر ما علاقة اللون الأحمر بالحب وفي الموت يُحمل الورد الأصفر ما علاقة هذا اللون بالموت وللمرضى النفسيين تدهن العيادات باللون البنفسج او الأخضر ما علاقة اللونين بصحة المريض وعلى هذا قس. وكذا لون المدينة هل هناك لون وطابع يميزها عن غيرها من المدن فأقول مثلاً إنني في الخرطوم من طابعها المميز او أنني في كسلا او نيالا او غيرها من المدن وهل المعمار يجعل للمدينة طابع مميز؟ ربما في البلاد الأخرى لكن في بلادي يخضع كل شئ لهوى النفس ولذا تبدو الخرطوم غابة اسمنتية تشكلها عدة ألوان دون مراعاة للآخرين او بمعنى آخر دون مراعاة أذواق الآخرين الذين يشكلون بعداً أساسياً لأية مدينة لماذا لا تتوحد مثلاً المؤسسات الحكومية وتغير قليلاً من الوانها التي عُرفت بها الى ألوان أكثر إشراقاً وألقاً ليطمئن الداخل لهذه المؤسسات دون ان يرهبه لون او حارس امام البوابة! كثيراً ما ترتبط الألوان بالذكريات مفرحة او حزينة وببعض الأماكن قبيحة او جميلة لكن يبقى اللون أساس الحياة ، كثيراً ما سألت نفسي عن ألوان أخرى لايعرفها البعض، من منكم رأى لون البؤس والفقر والمرض والجهل من منكم رأى لون أطراف المدينة حيث البؤس يمشي على قدمين ان اردت وصفه فقل هو لون رمادي قاتم، من منكم رأى لون الموت! الموت جوعاً او مرضاً او قهراً حيث لا يستطيع الإنسان الدفاع عن حقه ونفسه فهو ملك للآخرين، من منكم رأى لون الحرمان في وجوه الأطفال الذين يأتون للحياة دون أب او أم فترميهم الحياة ببؤسها وسمومها وقسوتها فيخرجون من الحياة كما دخلوا، من منكم رأى دموع الخوف في عيون لايغمض لها جفن فهي لا تعرف النوم ولا الراحة، هذه هي الحياة وهذا هو جانبها المظلم او الأسود فليس كل الحياة وردية اللون زاهية، تعرض علينا الحياة كل ألوانها، هناك من يأخذون حقك إحتيالاً وكذباً مدعين انها فهلوة او ذكاء وشطارة ومنهم من يأخذ حقك عنوة وظلماً مدعين انها قوة وشجاعة وهناك من يعيش عالة على الآخرين يأتي للدنيا عالة ويعيش عالة ويرتحل عن الدنيا دون ان يكون له تأثير وهناك من يعيش ليُعذب الآخرين بوجوده حتى يتمنوا موته وزواله، كل هؤلاء لهم ألوان وقوالب يتشكلون فيها، فليست المدينة وحدها التي لها لون، وبالمقابل فكما هناك القبح هناك الجمال، ويظهر هذا في البعض ممن وهبوا أنفسهم لخدمة الناس دون منٍ او أذى ومنهم من يمسح عنك دمعة الخوف ويبث الطمأنينة في قلبك ومنهم من يمسح آثار الفقر والمرض والجوع والجهل فلا تملك الا ان تدعوا له دون ان يطلب منك أجر ما قدمه اليك عندها فقط تعرف ان الدنيا والحياة قد غيرت لونها للون زاهٍ غير اللون القاتم الذي كنت تعرفه، هناك ألوان تكاد تنطق وألوان مصابة بالبكم والعمى.. اللون جميل هذه حقيقة كن جميلاً ترى الوجود جميلا والوانه زاهية كن كئيباً ترى الوجود أسوداً ورمادياً وأحياناً بدون لون.