رجولة ورجالة الخارجية

[JUSTIFY]علي كرتي أفضل وزير خارجية في عهد الإنقاذ، خاصة إذا وضعنا في الإعتبار أنه يقاتل آخرين ينازعونه إدارة وزارته.. أظهر حكمة بالغة وهو يقابل بالقبول قرارات مجلس الأمن في أعقاب هجوم دولة جنوب السودان على هجليج، رغم أن القرار لم يكن بالقوة المنتظرة في إدانة الدولة المعتدية.. لم ينجر وزير الخارجية يومها وراء تيار مندفع حاول توظيف القرار الأممى غير المرضي من أجل إعادة الخطاب المتحدي.. فأخمد ألسنة النيران حين أعلن بكل وضوح أن عضوية السودان في الأسرة الدولية تلزمه بالخضوع للقرارات الأممية..

خاصة وأن القرار قد أقر للسودان بحقوق كثيرة وإن لم تبلغ ما كانت تطمح له الحكومة السودانية.. وهذا أمر عادي ولن يكون السودان الشاكي والحكم، وتحسب للوزير أيضاً مقاومته ثم نجاحه في صد (لوبي) شرس أراد أن يضع السودان في مدار إقليمي بعيد على حساب علاقات السودان الراسخة مع مصر والخليج.. ويجب ألا ينظر لهذه المواقف، وكأنها مواقف منفردة تعالج كل حالة على حدا، فهي ثمار (رؤية) شاملة أبعدت الدبلوماسية السودانية عن مدرسة الإستعراض اللفظي والتحديات غير المبررة.

هاتان محطتان ضمن أخريات أقل أهمية تجعلاني لا أتعجل الإختلاف مع أى رأي للوزير.. لذا تريثت كثيراً قبل أن أقطع بمعارضتي لرأيه حول طرد المسؤولين الكبيرين التابعين للأمم المتحدة من الخرطوم.. لقد بدا لي أن القرار فيه تعجل وفيه رائحة تلك الأيام.. ثم أزعجتني عبارة (إن السودان لن يكون حقه ثابتاً إلا بهذه الخطوات القوية، لأنه إذا رضي بالذل سيكون هناك ذل أكثر) وهي العبارة الصادرة عن الوزير في معرض تصريحه الخاص بهذه الأزمة الدبلوماسية مع الأمم المتحدة.. وأخشى أن يكون الوزير قد دخل في دائرة المزايدة حتى لا يتهم بأنه يبدي مرونة في أوقات تحتاج للمخاشنة، وهي مزايدة قد تجعله يورد السودان مورد التهلكة، خاصة بعد التصريح المنسوب لمندوب السودان في نيويورك الذي قال فيه: إن السودان (يأمل) ألا يدخل في مواجهة مع المنظمة الأممية، وأن تكون علاقته مع المنظمة طبيعية.. لكنه سرعان ما تذكر ضرورة أن يبرئ نفسه من إتهام جاهز بموالاة العدو فقال (لكن هذا لا يعني أن نسمح بالمساس بسيادة السودان)..

وقفت أيضاً عند قول الوزير (نحن نتصرف بثقة ورجولة).. عرفت تفسيراً للثقة لكني لا أعرف مناسبة للرجولة في هذا التصريح.. ولا بد أن الوزير يدرك مع تطورات العصر وتقدم أفكار الجندر أن الرجولة التي كانت مرادفة للذكورة لم تعد وحدها معياراً للموقف القوي، خاصة وأن الدبلوماسية الدولية قدمت رموزاً نسوية تخافها الدول، خاصة إذا كانت المرأة ممثلة لدولة ذات شوكة؛ وما أمثلة مادلين أولبرايت وكونداليزا رايس وسوزان رايس و هيلاري كلنتون ببعيدة عن الأذهان.

عادل ابراهيم حمد
صحيفة آخر لحظة
ت.أ

[/JUSTIFY]
Exit mobile version