الطاهر ساتي : أحرجت الأخريات!!

[JUSTIFY]:: ليس مشروع مياه النيل فقط، بل من يخلف طاهر إيلا أيضاً يشغل أذهان الأهل بالبحر الأحمر.. وكل من يتأمل هتاف الجماهير في فعاليات المهرجان أو من يحدق في لوحات الشوارع ولافتات المناشط أو من يتعمق في مجالس المدائن والأرياف يكتشف (توجساً).. لا يتوجسون فقط على ذهاب طاهر إيلا، ولكنهم يتوجسون أيضاً على انهيار روح الأمل التي تسري في كل مناحي الحياة بالبحر الأحمر.. ولذلك كان ولا يزال- السؤال، هل تعمل حكومة د.طاهر إيلا بروح المؤسسية التي تعض على الخطط بنواجذ التنفيذ عبر أجهزة الولاية أم تعمل بروح الرجل الواحد؟ :: لطاهر إيلا تأثير على القطاعين العام والخاص ثم على مجتمع الولاية، وبهذا التأثير نجح في تشكيل أضلاع مثلث الإنجاز بالبحر الأحمر، وهي (الحكومة، القطاع الخاص، المجتمع).. وعلى سبيل المثال، مهرجان السياحة والتسوق الذي يحدث حراكاً اقتصادياً في كل أسواق البحر الأحمر، لا تشارك فيه حكومة الولاية إلا بجهد التخطيط والإشراف والرقابة، فالتكاليف -5.2 مليون جنيه- يدفعها القطاع الخاص لصالح فنادق ومطاعم ومتاجر المجتمع.. وهكذا الحال في لجان التعليم والصحة والرعاية والتشجير والكهرباء وغيرها، سواسية الوزراء ورجال الأعمال والمواطنون في (العضوية).. والعضوية في لجان الخدمات إن لم تعنِ المشاركة في المشروع الخدمي بالأموال فهي تعني المشاركة بالعقل والساعد.

:: وهناك، على سبيل مثال آخر، رحلة البحث عن معلومة ذات صلة باليتامى والمعاقين أو بالمدارس والمشافي ليست بالضرورة أن تقودك إلى (وزارة)، بل قد تقود إلى (بيت مواطن)، باعتباره رئيس لجنة كفالة اليتامى أو تأهيل المعاقين أو التعليم أو الصحة، وقد يكون الوزير المختص رئيسا لهذه اللجنة أو عضواً يرأسه هذا (المواطن).. هكذا تدار شؤون الناس بالبحر الأحمر، فالمجتمع لم يعد محكوماً فحسب، بل شريكاً أصيلاً في (التمويل والتنفيذ والرقابة).. وقبل أسابيع، عندما تبرع بنك النيل بمبلغ كبير من المال لتأهيل بعض المدارس، خاطبته السلطات بنص فحواه: (هذه مدارسنا التي بحاجة إلى تأهيل، وعليكم اختيار إحداها أو بعضها ثم تنفيذ عمليات التأهيل بأنفسكم)، أي لسنا بحاجة إلى مالكم، بقدر ما بحاجة إلى (جهدكم ورقابتكم).
:: ولهذا يتسابق أفراد المجتمع إلى العمل في اللجان، وإلى الإنفاق عبر اللجان، أي لأنهم يرون جهدهم وأموالهم إنجازاً يملأ عيونهم وقلوبهم، ولأنهم يثقون في أنفسهم يطرقون أبواب المصارف والشركات بالدراسات والمشاريع، ويجدون عندها (التبرع والقرض).. بالقرض والدعم، أنار آلاف الفقراء والمساكين بيوتهم بالكهرباء.. وبالقرض والدعم، اندثرت تكاسي العهد التركي لتحل محلها التكاسي التي تليق بجمال مدائن الولاية.. وهكذا، كثيرة هي المشاريع التي يظلمها ضوضاء مهرجان السياحة والتسوق..ومع ذلك، لم -ولن- تبلغ الكمال، ولكنها حكومة كشفت -للحكومات الولائية الأخرى- معنى أن يكون المواطن إيجابياً -ومخلصا لولايته- بغض النظر عن اختلاف الأفكار والأحزاب.. وإنهم يخشون انهيار هذه الروح في مجتمع البحر الأحمر بعد ذهاب طاهر إيلا إلى أي موقع آخر أو إلى الشارع العام (عاجلاً أو آجلا).. وعلى كلٍّ، هي حكومة وضعت (بصمتها)، وأحرجت الحكومات الأخريات.. وقبل ذهابها، ها هي تُتعب التي تأتي بعدها بإحساس (التوجس العام).

اصحيفة السوداني
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version