ريحة (بخرة)…وفنان (مالص) هدومو.!

[JUSTIFY]في بلادنا يتوفر الحب، وبشهادة (جكس) هذا الزمان فمشاعر السودانيين هي الأكثر اشتعالاً برغم الظروف الاقتصادية الطاحنة، لكن الغريب أن العاشق في هذه البلاد (يحب الأنثى ليتزوجها غيره).!، والسبب كذلك تلك الظروف الاقتصادية الطاحنة، فالمحبوبة بالرغم من عشقها لـ(قيس) هذا الزمان تتمتع بدماغ (مستنير)، وتعرف جيداً أن المشاعر (مابتأكل عيش)، لذلك فهي تضع لنفسها خطة إسعافية سريعة لمداواة (جراح الريدة) تلك، بعد أن يتضح أن (قيس) هذا الزمان غير قادر على توفير بعض أحلامها المستقبلية (عربية وبيت و……مطبخ تركي).!
وقديماً كان الأهل يسألون عن (أخلاق العريس) قبل كل شيء، وبحي خرطومي عريق يجلس العريس الجديد أمام والد عروسته المرتقبة، وعلى جبينه تتقافز حبيبات عرق باردة لفحها جو ذلك المساء المعتدل، ولسانه يردد بهمس كل سيرته الذاتية منذ مولده وحتى صرفه لآخر مرتب في تلك الشركة التى يعمل بها، ويتحفز لإطلاق تلك المعلومات على باحة فناء ذلك الحوش الذي يتقاسمه هو ووالد العروسة، و….يسأله (نسيبه المرتقب) عن (نوع سيارته).!!
والحب والغناء كانا في سنوات مضت مكملان لبعضهما البعض، والغناء تحديداً كان مناطاً به تسهيل مهام العاشقين للوصول لعش هادئ، لذلك لم تجد مغنيات (دلوكة) ذلك الزمان خياراً غير ترديد أغنيات (الشُكر)، وتمجيد (أخلاق) رجال ذلك الزمان، فظهرت أغنيات ومقاطع أبرزها: (لاشراب سيجار..لالعاب قمار..عريسنا سار)، وكان المجتمع يتقبل تلك الأغنيات باسماً، ليس لشيء سوى أنها تدعو للابتعاد عن كل ماهو ضار، كما أنها كانت أغنيات (تفاخر) بها النسوة في بيوت الأعراس وتطلبها أم العريس تحديداً لكي تبرهن لأهل العروس خصال ابنها. واليوم تغيب تلك الأغنيات التي تدعو للأخلاق وتحل مكانها أخريات أبرزها (راجل المرا دا حلو حلاة).!!
وأخو العروس قديماً كان هو (فارس الحوبة) و(شيال التقيلة) و(عشاء اخواتو البايتات)، وكان يسعى لإكمال النواقص من تلك الزيجة، يقترض المال ويقف في وجه كل المظاهر البذخية ويرفضها رفقاً بكاهل العريس الذى صار واحداً منهم، واليوم أصبحت (هدية أخو العروس) من ضمن أهم عناصر (الشيلة)، وإن لم تتذكرها فـ(شيل شيلتك).!!
أما حفلات الزواج في بلادي فقد كانت ملتقى للأسر ومتنفساً لها، والغناء نفسه في تلك الليالي كانت له ضوابط وأحكام، وكان العريس يحرص على أن يغني في حفل زواجه فنان (ملوي هدومو)، وليس (مالص هدومو) كما نشاهد اليوم، وكان والد العريس يحرص على أغنيات السيرة والحماسة وكان (السوط) يتجول بين المعازيم باحثاً عن ظهر (جعلي ضكران)، أما اليوم فقد أصبحت حفلات الأعراس سوقاً تتنافس فيه الفتيات من أجل الظفر بـ(عريس)، ويتنافس فيه الشباب لخطف (جكسوية) يكملون بها نصف عقلهم بعد أن ذهب النصف الأول (للمزاج).!!
شربكة أخيرة:
مصور (أعراس) سألني مؤخراً عن سبب هروب الشباب من كاميرا التصوير في الأعراس، بينما تحرص الفتيات بالمقابل على الظهور ومطاردة الكاميرا، فقلت له ساخراً: (ودي دايرة ليها فهم ياذكي..؟…بالتأكيد البنات بفتشوا للتصوير عشان يشوفهن عريس مغترب، أما الأولاد بيشردوا من التصوير عشان بكونوا بره الشبكة)، وهنا سألني ذلك المصور (الغتيت) سؤالاً خبيثاً للغاية مفاده: (معقولة يا أستاذ، يعني كاميرات التصوير دي ممكن تسرب (ريحة البخرات)..؟؟

صحيفة السوداني
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version