افتتح متجر موبايلات، لكنه لم ينجح، أغلقه مثلما طوى شهادته الجامعية من قبل، بعد أن فشل في الحصول على وظيفة بموجبها رغم تخرجة في كلية القانون بتفوق.
ذات نهار أحكمت المعيشة قبضتها على عنق الأسرة الصغيرة، حديثة التكوين (طفل لم يتجاوز الثالثة من العمر، وشقيقته بضعة أشهر).
سر عظيم
في ذلك اليوم تحديداً أسر الزوج لها بأنه وجد عقد عمل في دولة قطر. الأمر الذي دفعهم إلى بيع منزلهم المتواضع والمكان الوحيد الذي يؤويهم من أجل سداد قيمة العقد، ممنين أنفسهم براتب مجزٍ للزوج، يمكنه من إلحاق الأسرة به مستقبلا لتتحول حياتهم من معيشة ضنكى إلى ناعمة ووفيرة.
عقد مضروب
كانت لحظة صعبة وفارقة ومغامرة غير محسوبة. أيام وسافر الزوج وظل يتصل بزوجته متفقدا أحوالها إلا أنه في أحد أيام الغربة القاسية أخبرها بما نسف أحلامها وجعلها لا تعرف حتى كيف تضرب أخماسها في أسداسها، فقد كان عقد العمل (مضروبا)، وأعلن أنه لن يعود إلى الوطن، وقال إنه سوف يسافر عن طريق التهريب إلى أرض الله الواسعة عساه يجد رزقه في بلاد مجهولة.
الوصية الأخيرة
كان يعلم أنه سيركب (الأهوال) لذلك أوصاها بابنه وابنته وحذرها تحذيراً شديداً من أن تُدخل في أحشاء أبنائه لقمة حراما، حتى ولو ماتوا جوعاً. بعيد تلك الوصية، اختفى زوجها المحب وسندها في الحياة، لم تسمع صوته مرة أخرى، ولا أحد يعرف إليه طريقا. ظلت وحيدة ساهمة، ذهبت إلى منزل أخيها الذي يعاني في توفير لقمة العيش لأطفاله ونصبت داخل فناء منزله خيمة أحزانها وظلت تبيع من مدخراتها وملابسها وثيابها وأوانيها المنزلية وأثاث بيتها.
انحسار الشعاع
كانت كل يوم تفقد فيه مدخراتها يبهت شعاع الأمل داخلها في زوجها الذي انقطعت أخباره، بينما تزداد احتياجات أبنائها وتكثر أسئلتهم عن أبيهم، وهنا تتعمق الجراح، فالأطفال حين يخبرهم أقرانهم بأن والدهم هرب، وخالهم هو من ينفق عليهم فإن ذلك يفعل بهم الأفاعيل.
عامان انصرما على غياب زوج (محدثتي) ولا زالت غارقة في لجة الأسئلة، وها هم (العيال كبروا)، والابن الكبير يريد أن يدفع رسوم تخرجه بعد أيام قليلة من الروضة، وتخشى أن يمضى عليه العام الدراسي ويصاب بصدمة جديدة، تخاف أن يتأخر عن العام الدراسي فيعير بذلك وسط الأطفال.
قالت لي: لا أقدر على توفير مبلغ التخريج ومتأخرات رسوم الروضة كلها وإجمالاً لا تتجاوز الــ 600 جنيه، لذلك نحن نناشد الخيرين
اليم التالي
خ.ي