لكن!
إلا أن عديد من القيادات الفكرية والسياسية ظلت تناهض أفكار الدكتور الترابي وفتاواه في الدين وفي طريقة إدارة الحركة الإسلامية من الداخل وليس من خارجها فكثير من القيادات التي انحازت إلى جانب الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد مكونة جناحاً خاصاً بها أواخر السبعينيات اختلفت معه بسبب نظرته للبعض الأمور الخاصة بنوع ومواصفات العضوية (التربية) أو الخيارات السياسية (المصالحة) فكانت القطيعة التي امتدت لسنوات طويلة بين الترابي وبين صادق عبد الله وتياره.
عصام البشير تيرموترا
ومن ينظر إلى القيادي السابق في تيار عصام أحمد البشير وعلاقته بالإنقاذ يعلم أن الموقف الخاص من الترابي قد انسحب إلى اقطاب مجموعة الشيخ صادق فقد تعود الرجل في سنوات الإنقاذ الأولى أن يمطرها بوابل من القذائف والانتقادات في مسجد العمارات 41 بشكل قوي جلب له الشهرة و جعل أعداد كبيرة من المصلين تتقاطر إلى مسجده في كل جمعة لكن بعد خروج الترابي الدواي من الإنقاذ في 1999م ومن دائرة الحكم والتأثير صعد عصام البشير قريباً من كابينة القيادة في الإنقاذ متماهياً مع موقف حزبه (جماعة شيخ صادق) التي قالت إن ذهاب الترابي هو ما عجل بعودتهم بل أن ميثاقاً للوحدة بين الوطني وتيارهم وصل مراحل متقدمة إلا أن خلافات فكرية عجلت بجفوة بين تيار بين المجموعتين ابعدتهم من دوائر القرار وعجلت بإنضمام عصام البشير إلى حزب المؤتمر الوطني بعد خلاف داوي مع شباب حزبه عندما المحوا له في مؤتمرهم العام أن منصب الوزاري (وزارة الأوقاف) يعبر عن المؤتمر الوطني أكثر من حزبه.
الأكثر قربى
وفي ذات الاتجاه فقد تعرض الدكتور الترابي من داخل مجموعته بعد الانشقاق الكبير وبعد أن انحاز إلى جانبه أقرب الأقربين من قيادات الإسلاميين المؤتمر الشعبي – انسلخ شاعر الإنقاذ محمد عبد الحليم وعاد إلى المؤتمر الوطني بعد ان ألف كتاباً عارض فيه الآراء الفقهية للترابي.
في إطار الصراع
صحيح أن آراء الدكتور الترابي كانت إحدى النقاط التي حاول بهه أعداء الترابي في جماعة القصر ان يحشدوا بها الأنصار واستغلالها لأجل كسب معركة الاستقطاب وبعد أن نحجت في ذلك إلى حد بعيد لكن تأثيراً سالباً سببه هذا الأمر هو توظيف المجموعة التي تنتمي للدكتور الترابي فكريا للفتاوى والآراء الفقهية في الصراع الداخلي شهد عليها خروج مجموعة جماعة شيخ صادق من دائرة التحالف مع الحزب الحاكم ثم وهذا هو الأخطر – ايجاد شرعية للجماعات السلفية في نقد الرجل فالذي انتقدته مجموعة من يميني الحركة الإسلامية من باب أولى أن ينتقده من هم في أقصى يمين الحركة والدين الإسلامي من القوى السلفية فمجموعة علماء السودان التي خرجت إلى حيز الوجود مع احتدام الصراع بين طرفي الحركة الإسلامية أول من أخرج الفتاوي التي تتهم الترابي بالخروج من الملة مع احتدام ذلك الصراع. لكن بعد ذلك انفتح الباب للقوى الأكثر تشدداً على مصراعيه للتدعو إلى اهدار دمه.
صورة الأستاذ
كلما تحدث الناس عن فتاوى الترابي وتكفيره اطلت صورة الأستاذ محمود محمد طه بوجها من جديد وتم تحميل مسؤولية اعدامه في أواخر عهد النميري للترابي باعتبار أنه كان متحالفا مع النميري في ذلك الوقت ونائباً عاماً ومسانداً للنظام في تجربة إعلان الشريعة وهذا الأمر يعبر عن حجم المأذق الذي وضع فيه الترابي نفسه من مناصرة تجربة جاء إعدام محمود محمد طه في إطارها.
أمينة النقاش
وما يؤكد وجود المأذق حوار مطولا أجرته الأستاذة أمينة النقاش مع الدكتور الترابي لصالح صحيفة الأهالي المصرية بعيد اعدام محمود محمد طه نشره الدكتور محمد وقيع الله في كتيب قبل سنوات طويلة من باب الاحتفاء فقد سألت الترابي عن إعدام محمود محمد طه فرد بما يؤكد حجم المأذق بما معناه (انه كان يتآمر مع امريكا) فالترابي تهرب بذكاء من تهمة الردة.. ذات التهمة التي يرميه بها أولئك الواقفين على يمينه القريب أو اليمين الأقصى .
تقرير : أحمد عمر خوجلي
صحيفة التيار
ت.أ