محمد الطاهر العيسابـي: سودانيون يُخلدون ذكرى في المِهجر!!

قيل لأعرابي ماتت زوجتك ، قال: جُدد فراشي قالوا: مات ولدك ، قال: عَظم أجري قالوا : مات أخوك ، قال: قُصم ظهري لأن الأخ لايعوض من أين يأتي بأم وأب حتى يأتيان له بأخ ، حافظوا على إخوانكم ولا تدعوا للشيطان أن يفرق بينكم مهما كانت الأسباب ومهما عظُمت المشاكل . ( رحمك الله يا أبا أحمد الدكتور محمد حامد الراو ) إنا لله وإنا إليه راجعون . بهذه الكلمات الحزينة نعاه زملاؤه بدولة قطر ، وخطّوها على لوحةِ ضخمة وأنيّقة تتوسطها صورته بوجهه البشوش الوقور ، ووضعوها على مدخل مبنى مدرسته الفخيّم التي عمل بها لعقود من الزمان بالعاصمة القطرية ( الدوحة ) .
ففي يوم الجمعة الذي يصادف العشر الأواخر من شهر رمضان فُجِعت ولاية نهر النيل برحيل الدكتور الإنسان الشهم الخلوق الاستاذ ومربى الأجيال محمد حامد (الراو) إثر حادث سير مؤسف بالمملكة السعودية .

حيث تعود تفاصيل الحادثة إلى إنحراف سيارته خارج مسار الطريق وذلك بمنطقة ( كوم الصقور) على الطريق الدولي بالسعودية وهو فى طريقه من مقر عمله بدولة قطر والتى يعمل بها معلماً ، لأداء العمرة ، لتنقلب به السيارة التي كان يقودها فيما أصيبت زوجته وإبنه ( أحمد ) اللذان كانا يرافقانه بإصابات متفاوتة ، ليوارى جثمانه الثرى بمدينة ( الرس ) السعودية .

كان دكتور ( الراو ) شامة وفخر للسودانيين بالمِهجر لما يتمتع به من حُسن خلق نبيل ، وكرم سودانيّ أصيل ، ويعتبر الراحل واحداً من أعلام التدريس بدولة قطر الذى وضع بصمته فى تعليم الأجيال بعلمه الغزير و تفانيه وإخلاصه مما جعله محبوباً من الجميع ، كان صاحب خلق عال ومتجرد ومتفانٍ كماعُرف بأعمال الخير داخل وطنه وخارجه .
وما كان لافتاً لمواطني ومقيمي دولة قطر اللوحة الضخمة التي وضعت على مدخل مدرسته وهي تحمل صورته وتنعيّه بعبارات مؤثرة تخليداً لذكراه الطيبة . حتى أصبحت قلادة شرف وفخر لحُسن سيّرة السودانيين بالخارج تتبادلها مواقع التواصل .

قبل أشهر قليلة قدم إلى السودان ممثلون لعائلة سعوديّة بغرض تكريم ( معلم ) سوداني درّس أبناءهم بالمرحلة الإبتدائية قبل أكثر من 30 عاماً !!
وكان العم المربيّ عوض الماحي علي ( 70 ) سنة الذي ينحدر من منطقة ( قنتي ) بالولاية الشمالية ، قد عمل معلماً في أواخر سبعينيات القرن الماضي بمدرسة آل العمرة بمدينة حرض شرقي المملكة السعودية ، وعاد إلى السودان قبل (30) عاماً لرعاية والديه الكبيرين في السن وإستقر معهما ليعمل مزارعاً بمنطقته بالشمالية إلى أن فؤجيء بإتصال من المملكة السعودية من قبل تلامذته يبلغونه بحضور ممثلين لهم لتكريمه.

هكذا هُم السودانيون بالمِهجر ، سفراء يحملون قيّماً نبيلة ويرسمون صوراً زاهيّة لوطنهم ، ويخلدون ذكرى طيبة لسيرتهم ، ولاسيما المعلمين منهم .

بقلم : محمد الطاهر العيسابـي
[email]motahir222@hotmail.com[/email] إلى لقاء ..
لصحيفتي السوداني والوفاق

Exit mobile version