الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
فإن الدعاء عقب الصلاة مشروع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: ((لا تدعنَّ دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)). قال البخاري رحمه الله: “باب الدعاء بعد الصلاة”. قال ابن حجر رحمه الله: أي المكتوبة، وفي هذه الترجمة رد على من زعم أن الدعاء بعد الصلاة لا يشرع… والسنة في ذلك أن يدعو كل واحد من المصلين سراً، قال الإمام النووي رحمه الله: “إن الذكر والدعاء بعد الصلاة يستحب أن يسر بهما، إلا أن يكون إماماً فيجهر ليتعلموا، فإذا تعلموا وكانوا عالمين أسرّه”، واحتج البيهقي وغيره في الإسرار بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: “كنا مع النبي، وكنا إذا أشرفنا على وادٍ هلّلنا وكبّرنا ارتفعت أصواتنا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اِربَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنه معكم سميع قريب)). اِربَعوا ـ بفتح الباء ـ أي ارفقوا. وفي المدخل لابن الحاج المالكي: “وكذلك يستحب لكل واحد من المصلين أن يدعو لنفسه ولمن حضره من إخوانه المسلمين من إمام ومأموم، وليحذروا جميعاً من الجهر بالذكر والدعاء، اللهم إلاّ أن يريد الإمام بذلك تعليم المأمومين بأن الدعاء مشروع بعد الصلاة فيجهر بذلك ويبسط يديه ـ على ما قاله الشافعي ـ حتى إذا رأوا أنهم قد تعلموا أمسك. وليعلم السائل أن المواظبة على الدعاء الجماعي دبر الصلوات المكتوبات تترتب عليه جملة محاذير، منها:
1ـ مخالفة الهدي النبوي حيث لم يكن يفعله النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم.
2ـ التشويش على المسبوقين الذين يقومون بعد سلام الإمام لإتمام صلاتهم.
3ـ أن بعض الناس إذا صلى خلف إمام لا يدعو بعد الصلاة جهراً يخرج وفي صدره حرج، بل ربما يظن بطلان الصلاة، وفي هذا من المفسدة ما فيه.
وأخيرا أقول بأن هذا الأمر ما ينبغي أن يكون سبباً في إثارة العداوة والبغضاء والفرقة بين أهل المساجد، بل الواجب على الأئمة أن يحرصوا على اتباع السنة وتعليمها للناس مع الرفق في هذا كله، والله الموفق والمستعان.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.
فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم
ي.ع
[/JUSTIFY]