خالد حسن كسلا : «فاتو» خيرُ خلفٍ لشرِّ سلفٍ

[JUSTIFY]اختلفت صحف الأمس حول إعطاء الأولوية في افتتاح الخبر الذي نقلته عن خطاب رئيس الجمهورية لنفرة مزارعي الجزيرة والمناقل.
وإذا كان الرئيس قد تناول حزمة مواضيع وأطلق تصريحاته وتعليقاته على آخر التطورات على صعدها، فإن الصحف لم تتفق في مفتتح الخبر حول الإشارة إلى موضوع واحد.
وإذا كان أهم ما أثاره الرئيس في مخاطبته نفرة المزارعين هو آخر التطورات على أهم القضايا المرتبطة بالبلاد على الساحتين الداخلية والخارجية والقضايا، هي إدعاءات المحكمة الجنائية الدولية والتمرد والجبهة الثورية والحوار الوطني وزراعة القمح وتصديره، فإن أغلب الصحف افتتحت خبر مخاطبة النفرة بموضوع المحكمة الجنائية، وكان قد علق الرئيس ضمن مخاطبته على آخر حديث للمدعية بها «فاتو بنسودا» التي خلفت أوكامبو ذلك الرجل الغشيم الذي تولى كبر تنفيذ سيناريو صياغة الاتهامات. والمدعية فاتو بنسودا كانت قد صرّحت بتجميد موضوع اتهامات بعض الشخصيات السودانية بارتكاب جرائم في دارفور.
ويلي حجم الاهتمام في تصريحات الرئيس موضوع التمرد وتحالف الجبهة الثورية «تحالف حركات دارفور وقطاع الشمال».. وهو تحالف فنادق وقاعات فقط، فلا أثر ولا ثمر له في الميدان.

أما الحوار الوطني في مخاطبة الرئيس فقد جاء في مفتتح الخبر الذي نشرته صحيفة «ألوان»، وكأن الأستاذ حسين خوجلي والاستاذ فتح الرحمن النجاس يريان أن مربط الفرس للعلاج لكل المشكلات والوقاية من مشكلات أخرى محتمل وقوعها هو الحوار الوطني، باعتباره سداً للباب الذي يأتي منه ريح التآمر الأجنبي. لكن في الفترة بين عام 1986م و 1989م كانت كل الأحزاب البارزة في الساحة تقريباً داخل الجمعية التأسيسة، فلماذا استمر التمرد إلى أن جاء عمر من «خور عمر» والرائد زين العابدين عبد القادر عضو انقلاب نميري بعد انقلاب البشير قيل أنه التقى الصادق المهدي في مناسبة، وقال له: «شابكنا جايين من خور عمر.. جايين من خور لحد ما جاكم سيد الخور ذاتو».
إن الرئيس يحمل اسم عمر، ومن هنا جاءت فكرة الطرفة. وزين العابدين كان «ظريف مايو» طبعاً. وقيل أثناء حكمهم وصله تقرير يقول بأن الأوضاع في البلاد تزداد سوءاً بعد سوء.. فعلّق قائلاً: «والله البلد دي لو ما حاكمنها كان قلبناها».
صحيفة «الوفاق» اهتمت وحدها في مفتتح الخبر بإشارة الرئيس إلى زراعة القمح والاكتفاء منه ثم تصديره. وقال الرئيس إن الحديث عن تصديره ليس من فراغ وتمنٍ وإنما على خلفية مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي تقول بأن السودان بلد استفادة زراعية لتحقيق الأمن الغذائي العربي.. ويبدو أن سياسات طبيب الأسنان والخبير الدبلوماسي الكبير الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستمرة في الإثمار.

وطبعاً من الآثار المهمة للدور الذي يلعبه مصطفى عثمان في اتجاه تحقيق وحدة اقتصادية بين السودان وبين دول المنطقة أو بينها جميعاً الاستفادة من مواقف هذه الدولة الإيجابية والمفيدة في المحافل الدولية بحكم الشراكات الاقتصادية. فالوحدة الاقتصادية تشكل الأرضية للتعاون السياسي والدبلوماسي.
وبالعودة إلى موضوع المحكمة الجنائية الدولية الذي تناولته في مفتتح خبر الرئيس المنشور في يوم أمس والذي انبثق من مخاطبته النفرة الزراعية، فإن إشاعة ارتكاب قوات الجيش لمائتي حالة اغتصاب في قرية واحدة يبقى من أقوى البراهين على أن كل ما ساقه المدعي الغشيم أوكامبو لم يكن سوى عزف سياسي لصالح أغنيات التمرد هناك في ذلك الوقت. لقد أضرّت إذاعة دبنقا جداً مسرحية الاتهامات، فانفجرت فكرة المؤامرة.
وها هي المدعية فاتو بنسودا كأنها ترى انفجار فكرة المؤامرة وزوال مفعولها باتهام جيش دولة بارتكاب مائتي حالة اغتصاب في قرية تسكنها أسر محترمة تضم رجالاً أشاوس وفراساً ومستعدين للموت في سبيل حماية بناتهم ونسائهم. إن السودان يا «فاتو» ليست فيه قوات احتلال أمريكية بريطانية ومعها قوات عمالة طائفية كما في العراق وسجن «أبو غريب» في العراق. ونتمنى أن تكون فاتو بنسودا خير خلف لشر سلف. إن السلف الشرير هو أوكامبو الذي خلفته فاتو.

صحيفة الإنتباهة
ت.أ

[/JUSTIFY]
Exit mobile version