** نعم ، المدير العام لم يسم ذاك التحويل المرتقب للهيئة بالخصخصة ، ولكنه أسماه بالهيكلة ..وقد تكون الهيكلة هذه أسم الدلع الذي سيطلق على الخصخصة ، وقد تكون شيئا آخر لنظرية آخرى لا تفصلها واقعيا عن نظرية الخصخصة إلا شعرة معاوية .. ومع ذلك فليكن الحدث المرتقب لهيئة الكهرباء هيكلة ، كما أسماها المدير العام ..والغاية من الهيكلة – كما جاء على لسان المدير العام – هى : فك إرتباط قطاع الكهرباء بالبروقراطية الحكومية لتسهيل تقديم الخدمة الحيوية للمواطن ..تلك هى الغاية ، أى البروقراطية الحكومية تصعب أوتعرقل تقديم خدمة حيوية للمواطن ، ولذا يجب أن ترفع الحكومة يد بروقراطيتها عن قطاع الكهرباء وتدع القطاع للشركات حتى يحظى المواطن بخدمة حيوية ..أوهكذا المعنى ..!!
** حسنا ..الغاية فى حديث المدير العام تبدو موضوعية إلي حد ما ، ولا خلاف في أن البروقراطية الحكومية الراهنة فى كل أوجه الخدمة المدنية تعرقل الكثير من أوجه الحياة ، وخير للحكومة والناس أن تخرج الحكومة من تفاصيل الحياة الإقتصادية وتكتفي فقط برسم السياسات العامة والموجهات الرشيدة ، وتدع أمر الإدارة للأسواق الحرة والمنافسة الشريفة التى حتما خلاصتها تصب فى مصلحة المواطن..ولهذا ليس هناك تحفظ على الخصخصة أوالهيكلة – سمها كما شئت – كخيار إقتصادي يصلح الحال العام فى حال أن تتم العملية بنزاهة وشفافية وبلا محسوبية تحت سمع وبصر الناس فى الهواء الطلق ، كما تحدث فى الدول التى عالمها ليس ثالثا وأخيرا ..ولأن كل لبيب يفهم بالإشارة ، ندع لفطنة القارئ التحديق فى بعض هيئاتنا القومية السابقة ومرافقنا العامة السالفة ، ثم تقييم ماحدث فيها ، خصخصة كانت أم تخصيصا ..؟..وبالتأكيد الفرق بين هذه وتلك كما الفرق بين الثرى والثريا ..!!
** الحكومة ذات البروقراطية تقزمت ميزانيتها الداعمة للهيئة القومية للكهرباء إلي ( 14 % ) .. والهيئة توفر من مواردها الذاتية (86% ) ..هكذا قال المدير العام .. وطبعا مواردها الذاتية هى ( جيب المواطن ) ..عليه ، أعد النظر الى تلك النسبتين وقارنهما بأى دولة أخرى ، وعندها ستعرف بأن القيمة التى يدفعها المواطن هنا لفاتورة الكهرباء قد تكون أكبر من القيمة التى تدفعها حكومة تلك الدولة دعما لكهرباء مواطنها ..نحن هنا لانشترى التيار فقط ، بل العمود والسلك والعداد أيضا ، ولولا الحياء لأرغمتنا الحكومة على شراء السدود والمولدات أيضا قبل توصيل الخدمة ..بالمناسبة : رسوم التوصيل هذه للأسف لم ولن تنخفض رغم إنخفاض أسعار مدخلات الإنتاج الخاصة بأعمدة الكهرباء ، أسمنت ، سيخ ، وغيره ..ولهذا وصف المدير العام هيئته بأنها من الهيئات الرابحة ..ومع ذلك يرفض أن يعد الناس بتخفيض رسوم التوصيل ، مكتفيا بمناشدة الحكومات الولائية بتحمل بعض نفقات التوصيل .. هكذا ، مجرد مناشدة لحكومات ولائية من فرط عشقها للرسوم والجبايات تكاد تفرض على مواطنيها ..( رسوم أوكسجين )..!!
** هيكلة الكهرباء إلى ثلاث أو أربع شركات قد تسهل تقديم خدمة حيوية للمواطن ، أو كما قال المدير العام .. ولكن ماذا عن التكلفة ..؟..ماذا عن الفاتورة ..؟.. هل ستكتفى الشركات – كما الهيئة – بالربح الحالى ، أم ستسعى إلى المزيد من الربح والثراء على حساب ( فاتورة المواطن ) ..؟.. الإجابة غير مطمئنة ، لأن نصفها جاء على لسان المدير العام نصا : نبشر المواطنين بكهرباء مستقرة وبتكلفة مناسبة .. فالتكلفة المناسبة ، يا سيدى المدير ، هى التى نصطلي بها حاليا ، فابق عليها .. نعم ، التكلفة اليوم مناسبة ، بل رخيصة جدا .. ولاتندهش ، نحن أمة لم تعد تطمع فى أية خدمة رخيصة ، بل تتمسك بالغالية وتعض عليها بالنواجذ خوفا من ( الأغلى ) …تأمل هذا الطموح ..!!
إليكم – الصحافة الثلاثاء 24/02/2009 .العدد 5625 [/ALIGN]