المعارضة (لحم رأس) وفيها تقاطعات سياسية وفكرية بين كل أطرافها ولن تؤدي لعمل يستفيد منه الشعب..!!
المهدي تنصل عن إعلان باريس لخوفه من الحكومة ووجد فرصته في نداء السودان..!!
الشيوعيون كانوا مسيطرين على التجمع الوطني والسيد محمد عثمان (كان قاعد فوق ساكت)..!!
ووجود الترابي وهو رأس الحية في تحالف قوى الإجماع جعل الناس تنظر له بالريبة والشكوك
شن القيادي الاتحادي البرفسير محمد زين العابدين هجوماً عنيفاً على نداء السودان الذي وقعته المعارضة بشقيها العسكري في أديس أبابا مؤخراً، وقابلت الحكومة النداء بحملة شعواء وجهت فيها بفتح معسكرات الدفاع الشعبي، وامتدت حملتها لتعتقل قيادات المعارضة على رأسهم الأستاذ فاروق أبو عيسى رئيس هيئة قوى التحالف والمحامي أمين مكي مدني وغيرهم المعتقلين منهم الدكتور فرح عقار.. وقال زين العابدين إنه لا جديد في النداء وإنما هو محاولة للتوفيق بين الحد الأدنى لقوى الإجماع الرافضة لإعلان باريس بقيادة الصادق المهدي، وأشار زين العابدين إلى أن رفع العصا للصادق من قبل الحكومة التي هددت بمحاكمته إذا عاد للبلاد، يعتبر أحد الأسباب التي جعلت الصادق يوقع الاتفاق حتى يجد فرصة (للزوغان) منه وهو ما حدث حيث لم يأتِ بذكره في نداء السودان وكأنما يريد أن يقول للحكومة تخليت عن إعلان باريس.. محاور عدة ناقشتها (الجريدة) في حوارها مع البروفسير محمد زين العابدين الذي تحدث بصراحته المعهودة وشجاعته التي لم تهاب السجون ومعتقلات النظام مدافعاً عن آرائه .. فإلى ما قاله:
وقعت مؤخراً المعارضة بشقيها السياسي والعسكري ميثاق نداء السودان، وبموجبه ستشهد الساحة حراكاً سياسياً؟ لا جديد في النداء وإنما رؤية للمعارضة منذ قيامها، ومحاولة للوصول بين الحد الأدنى لقوى الإجماع الرافضة لإعلان باريس بقيادة الصادق المهدي وهي تضم أحزاباً خارجة عن قوى الإجماع ومنظمات شبابية كان لها دور كبير في أحداث الاحتجاجات، فقوى الإجماع كانت ترفض أن يوقع معها اتفاق لتوحيد المعارضة من هم خارجها وتريد الصادق المهدي فقط في نفسه، وقوى الإجماع يسيطر عليها اليساريون والبعثيون والجبهة الثورية أيضاً يسيطر عليها ياسر عرمان وهو ينتمي لذات الفكرة ونحنا، حاولوا توحيد المعارضة بضم القوى غير المنضوية تحت لواء التحالف قوبلنا بالرفض فلماذا لا يكون هناك جسمان للمعارضة يحملان نفس الرؤى والأفكار كما في جميع بلدان العالم. البعض يرى أن نداء السودان تراجعاً عن إعلان باريس وتحديداً في تبنيه للعمل الجماهيري السلمي بدلاً عن النضال المسلح كما في إعلان باريس؟ في الإعلانين، لا يوجد تبني للعمل المسلح لإسقاط النظام. والجبهة الثورية تقول إن العمل العسكري وسيلة للضغط حتى تصل لحل سياسي، وذلك منذ مذكرة التفاهم التي وقعتها الحركة الاتحادية (٢٠١٢)م، وهي التي فتحت مسار العلاقات بين الجبهة الثورية والمعارضة المدنية بالداخل وتم الاتفاق على أن يكون الحل السياسي والجماهيري هو الأول ويعطي الأولوية، لتحصين إعلان باريس قامت القوى التي لم توقع عليها بالتوقيع في أديس أبابا مؤخراً ليكون برنامجاً لهم في حال تخلي ونكوص الصادق المهدي عنه وبموجب ذلك أصبح ملكاً للجميع، أما نداء السودان فوقعت عليه الجبهة الثورية وقوى الإجماع وحزب الأمة، وذلك نسبة لرفض قوى الإجماع لإعلان باريس بجانب رفع العصا للصادق من قبل الحكومة التي هددت بمحاكمته إذا عاد للبلاد، فوجد فرصة (للزوغان) منه ولم يأتِ بذكره في نداء السودان وكأنما يريد أن يقول للحكومة تخليت عن إعلان باريس.يمكن لنا القول إن الضغوطات الحكومية هي التي جعلت الصادق يتراجع عن إعلان باريس؟ نعم، والدليل هو عدم إيراده في نداء السودان وتخليه عن جميع القوى التي ساندته في باريس وعقدت كل الاجتماعات واللقاءات في داره، وآخرها اجتماع جنينة الهندي الذي صيغت مخرجاته بناء على إعلان باريس وستجاز إذا مضى فيها حزب الأمة أم لا.
ما هي الأسباب التي جعلت الصادق ينحو ذلك المنحى؟ بالضغط الحكومي، والهجمة الشرسة التي تقاد ضده.
ولكن الحكومة ذاتها قابلت نداء السودان بحملة كبيرة فتحت فيها معسكرات الدفاع الشعبي واعتقلت قيادات المعارضة؟ الحكومة ستواصل في حملتها، ضد أي عمل يجمع المعارضة، والجبهة الثورية أيضاً ستستمر في عملها، ولكن المهدي وقوى الإجماع سيتراجعون عن نداء السودان. ولن يصمد نسبة لتجارب الصادق المهدي الذي يريد أن يأتي كل يوم بمشروع يناقض مشروعه السابق وهذا ليس شيئاً جديداً عليه منذ دخوله لعالم السياسية. وهو يرى نفسه بأنه المفكر السوداني الوحيد. على ماذا تبني حديثك بتراجعهما؟ حتى الآن قوى الإجماع منقسمة على اثنين، طرف مؤيد للنداء وآخر رافض له يقوده حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة علي الريح السنهوري، وحزب تجمع الوسط، وحركة حشد.. والمؤيدون له من الشيوعيين فقط.
لماذا يسانده الشيوعيون حسبما ترى أنت؟ الشيوعيون يرون أن الحركة الشعبية جزء من الفكر اليساري وامتداد له، فلذلك يسعون لأي تقارب معها، ورغم أن الاتحاديين أكثر وفاء لعلاقتهم مع الحركة الشعبية من أجل وحدة البلاد. عندما طالب عرمان بالحكم الذاتي للمنطقتين رفضنا ذلك وقلنا لم نتفق معهم على شيء من هذا القبيل لا في مذكرة التفاهم ولا الفجر الجديد ولا غيره.
كيف تنظر لمسار التفاوض بين الحركة الشعبية والحكومة حول المنطقتين وهل سيصلان لاتفاق؟ يمكن الوصول لاتفاق في حال الحركة الشعبية حتى حل قضايا السودان كافة. وإذا حدث ذلك ليس هناك ما يمنعهم من الوصول لاتفاق (القصة كلها مناصب وحقائب وزارية). ولكن هل سيحل ذلك مشكلة السودان.
الحكومة تريد حصر التفاوض حسب قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي بالتفاوض حول قضايا المنطقتين، وأيضاً تفاوضها مع حركات دار فور مرجعيته وثيقة الدوحة وعلى الأحزاب الأخرى المشاركة في الحوار الوطني بالداخل؟ هذا ما تريده الحكومة من وجهة نظرها وهي تقول قولها، ونحن لن نشارك في حوار لم تتوفر له المطلوبات التي طالبنا بها من توفير للحريات وتعديل القوانين المقيدة لها وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين سياسياً، والحوار الوطني الصحيح يبدأ في مقر الاتحاد الأفريقي بأديس لحل كافة قضايا برئاسة الاتحاد الأفريقي وليس البشير، ويتم الاتفاق على الأجندة والمخرجات والضمانات، ثم بعد ذلك يمكل الحوار في السودان، والمخرج السليم هو إيجاد حل جذري لمشاكل السودان. المعارضة بواقعها الحالي ليس بمقدورها إرغام الحكومة على ما تريد ومن يشترط يكون في موقف قوة؟ هذا ما كنا نقوله خلال الفترة الماضية وعندما كنت ممثل للحركة الاتحادية بتحالف قوى الإجماع وقلت لهم من يريد أن يملي شروطاً لا بد له أن يملك من القوة ما يمكنه من فرض شروطه على الطرف الآخر الذي لن يستجيب لك وأنت في موقف ضعف، والنظام بسياسياته الحالية نجده بدأ في العد التنازلي له، وقد يصل به الحد للبحث عن طوق النجاة، وكل ذلك في صالح المعارضة التي يجب عليها أن تستفيد من نقاط ضعفه لتحقق هدفها في تغييره.
خروج الشعبي من التحالف أضعف قوته؟ لم يضعفه وهو لم يكن يعطيه قوة أصلاً، ووجود الترابي وهو رأس الحية في تحالف قوى الإجماع جعل الناس تنظر له بالريبة والشكوك، وضعف مكونات قوى الإجماع جعلت الشعبي يكون صاحب الصوت الأعلى وهم أكثر معرفة بالحكومة وعندما ذهب الشعبي قلَّت (اللعلعة). والترابي يريد من الحوار أن يوحد الحركة الإسلامية ولا هم له بالوطن، بل هو منشغل بحل أزمة الإسلام السياسي وحركته التي تفرقت أيدي سبأ. المتابع للمبادرات التي قدمت لتنظيم عمل المعارضة وتوحيدها بدءاً بدعوة شيخ السجادة العركية ولقاء جينية الهندي وغيرها فشلت تماماً في مسعاها؟ لن تتوحد لأنها منذ عهد التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان رأسه السيد محمد عثمان الميرغني، فهي تمضي بأيدولوجية واحدة، فالتجمع تقودها قوى اليسار وتحديداً الشيوعيون بمختلف أجنحتهم وأياديهم والسيد محمد عثمان (كان قاعد فوق ساكت). ثم جاء تحالف قوى الإجماع وهو الوجه الثاني للعملة ونفس الأسماء وذات الممارسات حيث نجد المسيطرين عليه هم الشيوعيون والبعثويون والقوميون العرب، ولن يفتحوا الباب لغيرهم، فنحن نرى من الأفضل أن تكون هناك تحالف آخر يضم القوى الخارجة عن إجماع يخاطب الشعب السوداني يستجيب لمن يستجيب له، وقوى الإجماع منذ تكوينها في (٢٠٠٩)م، لم يستجب لها الشعب السوداني، ولم تقدم قيادات قوى الإجماع نفسها للشعب وتساندها في تظاهراته إبان سبتمبر الماضي، فمن منهم خرج للشارع وقابل بوابل الرصاص وهم يريدون أن يموت الشباب ثم يأتوا ليقودوا الثورة. هل يمكن لنا أن نعتبر عدم ظهور قيادات المعارضة في مظاهرات سبتمبر كأحد الأسباب التي أجهضت الثورة؟ نعم، وطالما أنت قيادي معارض تنادي بإسقاط النظام فيجب عليك أن تكون في الشارع أمام الجماهير.
بما أنك تمثل المعارضة أين كنت إبان تظاهرات سبتمبر؟ كنت قدام والرصاصة التي قتلت الشهيد هزاع في شمبات كانت أمامي، حيث كنا في اجتماع بمنزل إبراهيم الشيخ ولم يأتِ معنا للتظاهرة من قيادات المعارضة غير إبراهيم الشيخ في ذلك اليوم وخاطب الجماهير وألهب حماسها الشيخ أحمد زين العابدين إمام مسجد شمبات. ولم يأتِ قيادي يتحدث إليها.
لماذا لم تخرج قيادات المعارضة للشارع في ذلك اليوم؟ اعتذرت القيادات، الصادق المهدي قال عندو خطبة في مسجد ود نوباوي، والترابي قال عندو عقد هو وكيل العروس، وفاروق أبو عيسى لم يأتِ والخطيب وغيره من قيادات المعارضة، كأن ذلك أهم من قضية الشعب السوداني.
الخوف وحماية النفس تقف وراء عدم خروجهم؟ لا أقول الخوف، ولكن أفتكر أنها قيادات غير جادة لتبذل النفس من أجل تحقيق مشروعها. وإلا كان عليها الخروج، وقد تكون لها حسابات لا أعلمها. الشعب السوداني ظل متخوفاً من أزمة البديل وإذا سقطت الإنقاذ من هو البديل؟ البديل هو البرنامج وليس الأشخاص وإنما برنامج يتفق عليه، وهذا ما حاولنا عمله في الفجر الجديد، الذي رفضه حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل حيث وقفت قياداته (ألف أحمر) لنصل لاتفاق لبرنامج مشترك مع الجبهة الثورية من منطلقات عنصرية بحتة بقولهم ذلك يذوِّب هويتنا العربية كأنما السودان كله عربي، وهذا يعتبر أزمة ستظل طوال الفترة المقبلة، والمعارضة الحالية عبارة عن (لحم رأس) فيها تقاطعات سياسية وفكرية بين كل أطرافها ولن تؤدي لعمل يستفيد منه الشعب السوداني ولا نريد أن نكرر تجارب الانتفاضة السابقة التي تقوم بها القوى المدنية في الشمال ثم تلحق بها القوى الحاملة للسلاح، ونحن نطالب بإشراكهم في عملية الانتفاضة عبر كل مراحلها حتى لا يقوم هذه (إنقاذ تو) كما قال جون قرنق بأن الانتفاضة مايو تو، فنريدهم أن يشتركوا في كافة الترتيبات حتى يكونوا جزءاً منها. وشراكة أصيلة في البرنامج وهذا هو الذي جعلنا نتحاور مع الجبهة الثورية من أجل وحدة السودان.
الاتحاديون نجد واقعهم مريراً.. شذرات متناثرة وكيانات هلامية لحزب كبير؟ سبب الأزمة السودانية يعود لضعف الاتحاديين وتشرذمهم، وهذه ليست نرجسية، وجماهيرهم تمثل مناطق الوعي بالسودان، وأزمة الحزب الاتحادي ترجع لكونه حزب جماهيري لبيرالي لا ينمو إلا في العهود الديمقراطية ولذلك نجده منقسماً لأكثر من جسم في العهود الشمولية بجانب عدم وجود شخصية كاريزمية تلتف حولها الجماهير كما حدث مع الشريف حسين الهندي، إضافة لهيمنة الطائفة على القرار السياسي جعلت تطلعات الفكر الحر داخل الحزب غير متاح مما يجعل الرافضين لذلك الأمر أن يخرجوا من الحزب. وأيضاً غياب المؤسسية في الحزب الذي صار حزب الرجل الواحد، كلها مجتمعة جعلت الاتحادي يعيش واقعاً مريراً والحزب لم يعقد مؤتمراً منذ عام ١٩٦٧م، بفعل العراقيل التي وضعتها الطائفة عند توحد الحزبين (الشعب الديمقراطي والوطني الاتحادي). إذن ما هو الحل ؟ الحل هو أن تتحمل النخب الاتحادية مسؤوليتها تجاه الوطن والكيان الاتحادي، ليتوحدوا وغير ذلك كل شخص يريد أن يكون زعيماً (بوضع اليد).
حوار: محمد فايت
صحيفة الجريدة
ت.أ