كان يقتلع سنين كمعدل بالعام، إلى درجة لم يبق إلا واحدة يتيمة بفمه حين أصبح في 1789 أول رئيس للبلاد بعد استقلالها عن بريطانيا، فاضطر إلى تركيب طقم كامل بديل، في زمن كان طب الأسنان طفلاً يحبو، لذلك صنعوه له من أسنان عجيبة، بينها ما استخرجوه من البقر والحمير والجياد، حتى والبشر، بحسب ما كتبه بنفسه في “دفتر حسابات” محفوظ هو و”بدلة الأسنان” في متحف باسمه، فيه مكتبته الخاصة، داخل ما كان منزله في بلدة “ماونت فيرنون” بولاية فيرجينيا، حيث أبصر النور
قبل 282 سنة.
واشترى أسنان عبيد أفارقة لطقم أسنانه
هذه المعلومات التي لا يعرف تفاصيلها إلا قلة من الأميركيين ومن ليسوا منهم، هي عنوان مأساة عذاب وألم كبيرين في حياة الرئيس الأميركي الأول، والصورة التي تنشرها “العربية.نت” لطقم أسنانه، تكشف كم كانت بائسة، إلى درجة ذكر شأنه معها مرارا بمذكراته، وفي “دفتر الحسابات” كتب في 1784 أنه اشترى 9 أسنان بمبلغ 122 شلنا من “سود” مجهولين، ربما كانوا عبيدا من الأفارقة الأميركيين، طبقا لما قرأت “العربية.نت” في تقرير بصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وكاتب التقرير في أبريل الماضي، وهو بعنوان George Washingtons Weakness: His Teeth لمن يرغب بمراجعته، هو مايكل بيشلوس، المعروف بمؤرخ الرؤساء الأميركيين، وفيه ذكر كم عانى واشنطن من أسنانه، وبشكل خاص في آخر 9 أعوام عاشها حتى وفاته في 14 ديسمبر 1799 بعمر67 سنة، متطرقا أيضا إلى “طقم” أسنانه البديلة، بأنها ليست من الخشب كما يشيعون، بل من الحمير والجياد والبقر وبني البشر.
إلا أن القيّمين على متحف “ماونت فيرنون” الخاص بواشنطن، لا يذكرون مصدر الأسنان الحقيقي في تقارير عدة يسردونها عن حياته بموقع للمتحف في الإنترنت تجولت فيه “العربية.نت” أيضاً، وأحد التقارير بعنوانThe Trouble with Teeth يتحدث عن مشكلته مع أسنانه، وفيه أنه اقتلع أولها حين كان عمره 24 سنة، وكلفه القلع 5 شلنات دفعها لطبيب اسمه الدكتور واطسون، وهو ما نقله كاتب التقرير من “دفتر يوميات” واشنطن، المحفوظ أيضا بالمتحف.
وكان يتعاطى الماريجوانا للتخفيف من أوجاعه
كما فيه أن أسنانه الاصطناعية كانت من عاج فرس النهر، وأيضا بشرية، مرصوصة جسورها مع الحقيقية بالرصاص والمسامير النحاسية، وهو ما كان يسبب له الألم الفظيع، والشيء نفسه تقريبا أشار إليه تقرير “النيويورك تايمز” مع إضافة أن واشنطن كان يعلق أهمية كبيرة على مظهره ليترك في الأذهان انطباعاً جيداً عن منصب الرئاسة الأولى في الأمة الجديدة، لذلك كان يتحاشى الكلام كثيرا كي لا تظهر معايب طقم أسنانه وتشوهات فمه.
وأهمية المظهر لواشنطن دفعته حتى لاستخدام أسنان بشرية يشتريها له طبيب أسنانه، جون غرينوود، من ناهبي القبور المقتلعين من الأموات كل ما يمكن بيعه، حتى الجماجم والجثث الحديثة ليشتريها أطباء للتشريح، إلا أننا لا نسمع شيئا من هذا كله في الفيديو الذي تعرضه “العربية.نت” الآن، وتتحدث فيه طبيبة أسنان يبدو أنها من المتحف، لكننا نسمعها تعترف بأنه كان يستخدم أسنان غيره من البشر، من دون أن تذكر مصدرها.
كانت محنة في حياة جورج واشنطن، دفعته حتى إلى تعاطي الماريغوانا بشكل روتينى لتخفيف آلام أسنانه، وكتب هو نفسه بمذكراته أنه كان يزرعها حتى بمزرعة القصر الرئاسي. أما عن وفاته، فبدأت أسبابها باعتلالات مفاجئة، ظهرت بعد استرجاعات معوية عنيفة كانت توقظه من النوم قبل يومين من الوفاة، أيSore Throat بالإنجليزية، وهو ما نجده في موقع “ويكيبيديا” المعلوماتي عن وفاته، وهذه استرجاعات من المعدة إلى الحنجرة، هي ما حمل الرئيس أوباما لإجراء فحوصات في أحد المستشفيات.
العربية نت
أ.ب