[JUSTIFY]نواصل حلقاتنا التوثيقية عن حي ودنوباوي وهو واحد من أشهر أحياء مدينة أم درمان القديمة، أبو روف وبيت المال والموردة والعباسية وأبو كدوك وحي الدباغة وحي مكي وحي العمدة، وأحياء كثيرة لها تاريخ وفيها شخصيات بارزة نساء ورجال. فيها سياسيون وفنانون ولاعبو كرة قدم ومادحون وعلماء وأطباء، إضافة إلى العديد من المهن التي اشتهر بها سكان تلك المناطق كالنجارين. وكان من أشهر النجارين بودنوباوي آنذاك عمنا “حاج رحمة الله” عليه الرحمة، و”عبد الله عبد الواحد” رحمة الله عليه، وهذا كانت له ورشة متقدمة بالخرطوم و”مهدي عابدين” وغيرهم. أما نساء ودنوباوي فلم يقلنَّ مكانة وأهمية عن رجالها فهناك العديد منهن أمثال السيدة “خديجة” زوجة الإمام “عبد الرحمن المهدي”، فكانت امرأة تفوق الرجال كانت المرأة مدبرة وتعتبر الساعد الأيمن للإمام “عبد الرحمن”، فمنزلها أو منزل الإمام “عبد الرحمن” كان مفتوحاً للجميع، كانت تحرص على إطعام ضيوف الإمام وهي أول من أدخل نظام الطباخين، فجاءت بالسيد “مهدي كزام” فكان منظم العوازيم والحفلات لضيوف الإمام “عبد الرحمن” من داخل وخارج السودان. وكانت تحرص على الوقوف على الموائد وتشرف عليها بنفسها حتى يليق بالذي يقدم للضيوف بمكانة أسرة “المهدي”. ومنذ ذاك التاريخ عرف الناس نظام الطهي على مستوىً عالٍ ويجلب له الرجال والنساء، وكذلك منزل السيدة “عائشة” بودنوباوي أيضاً كانت من المنازل المفتوحة للضيوف من كل الطبقات، والمنزل كان يعج بالعاملين أيضاً من النساء والرجال وكلهم يعملون محبة في آل “المهدي”، ليس خدماً كما كان يصفهم البعض، ولكن كانوا من آل البيت لا أحد يتجرأ أن يستخدم أي لفظ من الألفاظ التي تحط من قدر الرجال أو النساء.
وإذا خرجنا من أسرة “المهدي” نجد هناك نساء يقدمن السحور لعدد من سكان الحي أمثال الراحلة “بت هجا” وهي امرأة محبوبة لسكان المنطقة رحمة الله عليها، ونساء ودنوباوي كنَّ يعتمدن على أنفسهن، ولكن يدرن البيوت كما الرجال.. فهناك من يعملن في السوق الكبير بأم درمان أو السوق الجديد وهو من الأسواق التي استحدثت فيما مضى بمنطقة ودنوباوي، أمثال “قمر كُريب” وكانت تعمل في بيع الخضار بالسوق الجديد ولا تخشى الرجال، و”مهدية موسى” زوجة “الشريف “أحمد دفع الله” كانت بيضاء اللون رغم ما قيل عن الحمرة الأباها “المهدي”. كانت امرأة قوية تدير منزلاً مكوناً من عدة عوائل هن نساء أولادها، كانت تدير البيت وتوزع العمل على كل واحدة من نساء أبنائها، وتجلب الطعام ويبدأ تناوله في زمن محدد. كانت أنصارية على السكين لا تقل شأناً ومكانة عن رجال الأنصار حاسمة ولينة في نفس الوقت.
في الحلقة القادمة سنتحدث عن نساء لهن تاريخ بالحي إن شاء الله.