د. ناهد قرناص: صاحب المصنع قال في حيثيات فصله للسوداني ان العامل قد نشر ثقافة التمبكة

حملت الاخبار الاسفيرية ان مصنعا بالولايات المتحدة الامريكية قد فصل احد العمال السودانيين فصلا نهائيا من عمله ولا رجعة فيه ..لماذا؟ ..ذلك ان العامل السوداني قد أستطاع نشر ثقافة (التمبكة) بين العمال من الجنسيات الاخرى .

التمبكة هي المصدر من الأسم (تمباك) وللذين لا يعرفون هذه التسمية هي الاسم المرادف للسعوط أو (الصعوت) حسب النطق السوداني. التمباك هو في ألأصل نوع من انواع التبغ يجفف ويطحن ومن ثم تضاف اليه (محسنات بديعية) كانت حتى وقت قريب لا تتجاوز (العطرون)..

ويقال ان هناك من يضيف اليه نوعا من انواع البنج وحاجات تانية حامياني ان صدقت الشائعات. يبدو ان اختلاف الأشياء المضافة هو ما يصنف التمباك الى درجات من الخفيف والعادي… الى ذلك الذي يكتب عليه (لو ما فاطر ما تخاطر). اعتقد وبعض الاعتقاد اتحمل مسؤوليته كاملة ..هو ان التمباك ماركة سودانية مسجلة مائة بالمائة ..لن تجده في اي مكان اخر ولا يوجد شعب في العالم يصحو من الصباح يبحث عن (الكيس تحت المخدة).

وسطوة التمباك قاتلة وصعب الفكاك منه واكثر النكات المروية عنه تبين مدى تمسك متعاطى التمباك بتناوله ..يقال ان العروس يوم (الصبحية ) قد شاهدت العريس وهو (يدنكل) السفة بأصابعه الخمسة داخل كف يده اليسرى ..ولاحظت ذالك التركيز في (وزنة) السفة ..ملأها الاستياء والتقزز من المنظر ..فقالت بهلع (طارق!! سجمي انت بتسف؟؟؟؟)…فقال بكل هدوء وهو يدخل السفة في نهاية ضرسه الاخير ومن ثم ينفض الباقي من بين يديه (وبطلق كمان)…

فصمتت حتى يومنا هذا ولم تنبث ببنت شفه. اما صديقتنا الاخرى فقد لاحظت اصفرار لون الأسنان عند خطيبها فبحثت ونقبت خلفه وسالت اخواته العزيزات فصارحنها بالسر الخطير ..وهو ان اخاهن يتعاطى التمباك في البيت بينما يدخن امامها من اجل الوجاهة وكدا..فعزمت على ان تضع حدا لهذا ..فقالت له ذات دلال (يا انا… يا التمباك) ..فقال دون تردد (لا تضعي نفسك في مقارنة خاسرة). في الحقيقة كنت اعتقد ان التمباك تأثيره (للكيف) وتهيئة المزاج فقط ..

و لكن صاحب المصنع قال في حيثيات فصله للسوداني ان العامل قد نشر ثقافة التمبكة وصار العمال ينتظرون فترة الراحة بفارغ الصبر لكي يتزودوا بنصيبهم من التمباك ثم بعد ذلك تبدأ الونسة و (مباراة الضللة).. ويبدا التسكع..

ومن ثم قل الانتاج بصورة ملحوظة وصار المصنع كله لا يستطيع العمل الا والشفاه ممدودة الى الامام والسفة مزينة المكان. يبدو ان الامر اكثر من مجرد مزاج .. و(وزنة راس) ..فالتمباك يتم (تمطيره) وتجهيزه بواسطة الاهالى والبائعين ..فلا يوجد بروتوكول معين ولا (وصفة ) محددة ..كل يضيف حسب خبرته ومقدرته وأفكاره العبقرية ..مثلا لا يتم تصنيعه في مصانع حسب المواصفات حتى تلتزم بنسبة النيكوتين والقار ..او تكتب على (الكيس) أنه يسبب سرطان اللثة وقد ثبت ذلك فعلا بالدراسات العلمية والمعملية..كما لم تشمله تلك الفتوى التي أباحت للمراة طلب الطلاق من زوجها المدخن وليس (المتمبك) مع ان الأصل في الفتوى هو (لا ضرر ولا ضرار) وليس هناك اكثر من أن يضر رب الاسرة نفسه بالتمباك ويصبح اسيرا له وكذلك يصير قدوة سيئة لاطفاله الذين يعتادون رؤية الكيس ..وما اكثر الذي يختزنه الاطفال في الذاكرة. كذلك لا علاقة بين المكانة الاجتماعية او درجة التعليم وتعاطى التمباك ..فقد دهشت بكمية حاملي الشهادات والدرجات العلمية الذين يتعاطون التمباك ويطلبونه من اماكن بعينها. ليس عندي من حل اقدمه فالتغيير يجب ان ياتي من المتعاطي وعليه ان يردد كما الاعلان المصري (حابعد عن التعاطي واختار حياتي )..غير اني أقول لكل من يتعاطى التمباك او السجائر وكل ما ثبت تاثيره الضار على الجسم والعقل ..أقول له (اختر حياتك و لا تؤذي نفسك بتناول هذه الأشياء …خلقك الله حرا فلا تستعبدك عادات تضرك وتضر كل من يحبونك ويهتمون لامرك)…ومسجل ادم يصدح (انت المهم والناس جميع ما تهمني).ووصباحكم خير

د. ناهد قرناص

Exit mobile version