عبدالباقي الظافر: قبيلة الصحفيين..!!

قبل سنوات زرت وعدد من الزملاء مدينة ود مدني لمخاطبة ندوة سياسية.. بعيد الندوة تقسم جمعنا على عدد من بيوت كرام مواطني المدينة لقضاء ما تبقى من ليل قصير.. كان حظي أن اذهب مع الصديق العزيز المهندس محمد الأمين الشريف، وكان الرجل وقتها يعمل مستشارا في حكومة الجزيرة.. فوجئت في الطريق أننا سنقضي ليلتنا في قصر الضيافة حيث يقيم الوالي وعدد من وزرائه الذين خلفوا أسرهم بالخرطوم.. لم أقابل الوالي في تلك الليلة، ولكن علقت لاحقا على بساطة الطعام في قصر الحكومة.. كانت وجبة العشاء تتكون من العدس والزبادي.. بعض من ما كتبت لم يرض الزميل العزيز الطاهر ساتي فهجم علىَّ بمقال سارت به الأسافير.. لم يعد يذكر اسمي عند بعض المخالفين إلا وربط بتلك الوجبة الشعبية.
يوم الثلاثاء الماضي كتب أستاذنا مصطفى أبو العزائم في زاويته الراتبة بالغراء (آخر لحظة) عمودا آثار اهتمامي.. أبو العزائم بلغته الهادئة اختار عنوان: (لماذا يكرهون بعضهم البعض).. فكرة المقال تحاول تشريح فكرة اختلاف وجهات النظر بين بعض الصحفيين.. ذلك الاختلاف الذي يصل مرحلة الشتم والتجريح أحيانا.. أبو العزائم طمأن قراءه أن الوسط الصحفي بخير إلا من قلة تنشد الشهرة أو بها مرض أو وضعها هجوم الآخرين في وضع دفاعي.
بداية أعجبتني رؤية أبو العزائم في محدودية الظاهرة في الوسط الصحفي السياسي.. وأن ذات الخلافات تنتشر في مهن أخرى وربما بصورة أكبر.. بعد تلك المعارك عن عالم النشر لا يجعلها تثير اهتمام الناس.
في تقديري قراءة أبو العزائم عميقة.. رغم ذلك فليسمح لي أستاذي أبو العزائم أن اختلف معه قليلا.. بعض الزملاء الأعزاء يفترضون أن حق الزمالة يجعل من العيب انتقاد صحفي آخر ولو بشكل مهني.. حتى نشر الأخبار غير السعيدة لبعض الزملاء ممنوع في عرف تلك المدرسة التقليدية.. لكن في ذات الوقت يحق لهؤلاء الزملاء ممارسة أكبر قدر من الشفافية تجاه أصحاب المهن الأخرى.. إذا ما تم القبض على فنان في وضع خادش فيمكن أن يكون ذلك (منشيت) مصحوب بصورة.. أما السياسيون فالأبواب مشرعة في الهجوم عليهم ونقل أخبارهم من الطلاق حتى الزوجة الرابعة.
في تقديري أن الصحفي شخصية عامة.. بل في كثير من الأحيان هو نجم لامع يجب أن يدفع ثمن الشهرة وحب الناس.. لهذا ممارسة الشفافية داخل الحوش الصحفي أمر لا تستقيم دونه الممارسة الصحفية.. أن لم نفعل ذلك سنكون مثل الأحزاب العريقة في السودان.. هذه الأحزاب تطالب بالديمقراطية في كل مكان باستثناء ما بين جدرانها.
عدد كبير من الأصدقاء والزملاء والقراء يستغربون في عدم ردنا على بعض الذين تخصصوا في شتمنا في أعمدتهم اليومية.. كان ردنا أن لدينا خط مهني واضح.. من ارتفع إليه دخلنا معه في مجادلة تنفع الناس.. أما من أراد أن نهبط معه في الوحل ونمارس الإسفاف فأبوابنا مغلقة في هذه الاتجاهات.

عبدالباقي الظافر-التيار

Exit mobile version