فهل يُعتبر هذا الأمر ظاهرةً، تستحق الوقوف عندها؟ وهل هي ثقافة دخيلة سالبة؟ وهل السبب في ذلك بعض القصور لدى مؤسسات التربية، مثل الأسرة والمدرسة والمسجد والجامعة وغيرها؟
(1)
الإعلام- كما يرى متابعون- وبكل وسائله، له الأثر الكبير في انتشار مثل هذه الحلاقات الغريبة، فهو ينقل ويتابع ويهتم بحياة النجوم وطريقة سلوكهم على رأس كل ثانية، وينقلها للناس، ويُقدّمهم باعتبارهم (قدوة). وهو ما أكّد عليه علي عبد الله محمد، يعمل في صالون (نيو لوك) بالخرطوم، ذكر العديد من أنواع الحلاقات التي غزتْ رؤوس الشباب، وصاروا يطلبونها بالاسم. وما عليهم إلا الاستجابة لطلباتهم. مضيفاً بكون الأمر دخيلاً على المجتمع والثقافة السودانية. وعن نفسه، يُعدّد علي مجموعةً من الحلاقات الغربية، للاعبي كرة القدم العالميين. التي يراها لمْ تخرج عن السائد، وهي عادية. فيما يراها بعض زملائه الحلاقين جميلة، وفيها بعض التغيير.
وأضاف علي بأنّ أكثر فترة تكثر فيها طلبات الحلاقات الغريبة، في الأعياد، أو في مواسم مباريات كرة القدم، عبر كأس العالم مثلاً. ويواصل بأنّ أسعار هذه الحلاقات متفاوتة، بين الخمسين والثلاثين جنيهاً. بالإضافة لحلاقة الفنانين الشباب أمثال أحمد الصادق وفلفلة رأسه، التي يصل ثمن حلاقتها (30) جنيهاً. لأنّها تأخذ فترةً طويلةً، من كريم واستشوار، فيما يبدو سعر الحلاقة العادية (15) جنيهاً. وأغلاها حلاقة العرسان، التي تصل الى (80) جنيهاً، لأنّها تشمل الصبغة والكريم وغيره.
(2)
مناسك إبراهيم، الطالبة بالمرحلة الثانوية، تعتبر ظاهرة الشعر المفلفل، والحلاقات الغريبة، ظاهرةً سيئة، وأنّ من يقوم بحلاقة شعره بهذه الطريقة غير مسئول، لأنّها غير لائقة، وفيها تأثر بالثقافات الغريبة، بل وتشبهٌ باليهود والنصاري، وهذا ما لا يجب على الشباب المسلم فعله.
من جانبه يقول محمد الطيب، الطالب بكلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، إنّ هذا النوع من الحلاقات، تقليد أعمى. فيما يُخالفه الرأي طلال السيد، الذي لا يرى أية غضاضة في أنْ يحلق شعره مثلما يفعل نجوم الكرة المفضلين بالنسبة له، مثل نيمار، أو غيره. نافياً في ذات الوقت أنْ يكون تقليده لحلاقتهم دلالة على أنّه موافق على سلوكهم الآخر في الحياة، أو دينهم. بل يرى الأمر مواكبةً لما يحدث في العالم. ويضيف بأنّ هذا التأثر والتقليد في الحلاقات والملبس أمر يحدث لكل جيل، مستدلاً بالأجيال السابقة التي تأثرتْ بالشارلستون، والآفرو، والخنفس.
(3)
من ناحيتها أكّدتْ حنان إبراهيم، أستاذة علم الاجتماع بجامعة النيلين، إنّ حلاقات الشباب غير السوية ظاهرةٌ سلبية، أكثر من كونها إيجابية. وتتذكر كيف أنّ بعض طلابها بالجامعة يظلوا مشغولين بفلفلة شعرهم وتسويته حتى وهم أثناء المحاضرات، وهو ما يشغلهم عن التركيز، أو من الممكن أنْ يتطوّر في المستقبل الى عادة سيئة. هذا بجانب بعض الشباب الذين صاروا يُطيلون من شعرهم لدرجة وضع (باندا) لتثبيته، مثلما تفعل الفتيات.
لكن لـ د. سامية الحاج، الأستاذة بقسم علم الاجتماع، بجامعة النيلين أمر آخر. حيث ابتدرتْ حديثها بالاستدلال بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عن عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، الذي قال: لا تؤدبوا أبنائكم على أخلاقكم، فإنّهم خُلقوا لزمانٍ غير زمانكم). وهذا يُشير في رأي سامية الى أنّ لكل جيل خصوصيته التي تُميزه عن الأجيال الأخرى، ويجب على الآباء ألا يُجبروا أبنائهم على تقليدهم، وتربيتهم على أي شيء تربوا عليه، لأنّ لكل زمان، عاداته وثقافته وتقاليده. لكنها استدركتْ بضرورة الاهتمام بأمر القدوة الحسنة، التي تُجبر الشباب على التأثر بها.
تقرير: مودة الطيب- صحيفة حكايات