د. ناهد قرناص: اذا بباب المحل يفتح وتدخل (الشيخة )ومعها مجموعة من الفتيات يبدو انهن (حوارات)

الحنانة هي تلك المراة المتخصصة في رسم أشكال على أيادي واقدام النساء …كل حسب رغبتها ووضعها الاجتماعي والمناسبة المراد الظهور بالحنة فيها. والحنانات خشم بيوت ..وكما ان هناك ماركات للملابس والاحذية ..وكما ان هناك اسماء معروفة للفنانين والتشكليين ..

هناك اسماء معروفة في عالم الحنانات وماركات لرسمة الحنة . الحنانة (الأسم ) لا يرتادها أي شخص ..فغير (ارتفاع السعر) ..فهي غير متوفرة دائما وتحتاج الى حجز مسبق بالهاتف الذي تتولى امره احدى (القطيمات) التى لا تعرف (يمة أرحميني)..

مثل عقد حماي حددوهو فجاة وما ممكن اتحرج قدام نسابتي وسلفاتي ..ولا اختي قرروا ليها القيصرية أمس المساء. راودتني فكرة ان أرتاد احد بيوتات الحنة الكبيرة هذه خاصة بعد ان صرفت فروقات الراتب وقلت لنفسي (كتيرة رايح وقليلها رايح ..دلعي نفسك يا بت ) ..اتصلت واخذت الموعد بعد يومين الساعة الواحدة ظهرا …دخلت الى المحل وأبهرتني جلسة الحنة وترتيب المكان وهدوءه ..البخور الذي يضفى جوا سودانيا على المكان ورائحة القهوة …

دفعت الرسوم اللازمة لعمل ( شكل برواز ) وهو أقل العروض الموجودة والذي استطيع دفع تكلفته ..كتبت لي اسم احدى الحنانات …قلت لها (لا انا عايزة الحاجة الكبيرة ترسم لي)..نظرت الى بدهشة ..ثم ظهرت علامات الاشفاق على وجهها وكأنها تقول (سامحوها يا أسياد .جاهلة ما تعرفش)..قالت لي (الحاجة أصلا سعرها براهو ..وهي الليلة تعبانة شوية عشان كدا ما حتجي الا الساعة اتنين وعندها حجز ..جاياها الشيخة فلانة ) ..

ذكرت اسم واحدة سمعت انها تتزعم جماعة دينية ولها اتباع كثر بين النساء ..قلت لنفسي (المنحوس منحوس ولو علقوا على باب بيته فانوس) يعني انا ما اتحنن الا يوم حنة الشيخة؟؟ ..اخذت تذكرتي وجلست في انتظار ان ياتي دوري..ما ان اخذت الحنانة جلستها امامي وكنت لا ازال محتارة بين الاشكال الموجودة في الألبوم ..

اذا بباب المحل يفتح وتدخل (الشيخة )ومعها مجموعة من الفتيات يبدو انهن (حوارات ) ..دخلت بعدها (الاستشاري ) اقصد الحاجة الكبيرة التي كان يبدو عليها الارهاق ..نظرت حواليها في كل الاتجاهات ..ثم ركزت على الحنانة (تبعي) وقالت بلهجة امرة (سوسو ..تعالي اعملي حنة للشيخة انا عيانة ما بقدر ..هي مستعجلة وعندها مواعيد مع ناس)..

ترددت سوسو قليلا وهي تنظر الي …قالت الشيخة بصوت رخيم (يمكن الاخت ما توافق ..اخدي الاذن منها ) أبتسمت لي الحاجة ابتسامة عريضة تصحبها نظرة تحذيرية من الاعتراض او حتى الشكوى.. وقالت بكل ثقة (كيف ما توافق؟ دي فرصة اي واحدة تتمناها ..ولا شنو يا اخت؟؟) ..

قبل ان أرد أو تتاح لي فرصة التعبير …اخذت سوسو (البنبر) وجرت وهي سعيدة بهذه الفرصة …قلت لنفسي …لماذا يتحدث كل الناس باسمي في هذه البلاد ويمنحون تفويضا للغير باستباحة اشيائي وانا من المفترض ان اظل صامتة؟؟ من الذي منح التفويض لهؤلاء؟ لماذا يعتبر الاعتراض والمطالبة بالحق (قلة ادب ).؟؟ بين الخضوع…. والتمرد ..لحظة ..تقول فيها (لا )… و من ثم تجد الاحداث قد رتبت نفسها تلقائيا .

وجدت نفسي أقف على قدمي بكل هدوء وسمعتني اقول للحاجة (لو سمحت رجعي لي قروشي ..انا مستعجلة لانو اولادي المفروض يرجعوا البيت بعد دا)…نظرت الى نظرة غريبة ..لم أفهم مغزاها ربما ساورها اعتقاد باني مجنونة ..اما الشيخة فكانت تحرك مسبحتها بهدوء وهي مغمضة العينين مضجعة على جنبتها وسوسو ترسم على قدمها اليمنى ..

أخذت نقودي ..خرجت الى الهواء الطلق ..وسعدية النكدية وجدت فرصتها (دا كلو عشان عملتي فيها دايرة تدلعي نفسك..مالها الرضية الحنانة؟؟ ما حنتها زي الليل ..وكل ما تمشي ليها تفرح بيك وترحب)..

لاول مرة اوافقها ..مالي انا ومال ناس الشيخة والحاجة الاستشارية …وصلت بيت الرضية ..الباب المفتوح كالعادة و(متاكا بالطوبة)…دخلت …ما ان رأتني حتى تهللت أساريرها (اجششش ..الدكتورة عندنا ..الليلة يوم لبن …يا مشاعر عليك الله افتحى كيس حنة جديد)….ووصباحكم خيرين

د. ناهد قرناص

Exit mobile version