فعندما يخرج السجين من السجن يصعب عليه الاندماج والتعايش في المجتمع، لأن البعض يعامله باعتباره «خريج سجون» فيلفظه المجتمع والبعض يتفهمه.. «الملف الاجتماعي» أجرى استطلاعاً حول الموضوع وخرج بالآتي:
سمية عمر «موظفة» ابتدرت حديثها وقالت إن السجين بعد الإفراج عنه يفاجأ بأن عليه مواجهة نوع آخر من العقاب وهو نظرة المجتمع له، قبل سنين ليست بعيدة كان السجين لا يجد من المجتمع إلا النفور ويتم رفضه في العمل خاصة في الأعمال التي تتطلب الأمانة، وأضافت: الأغلبية من الذين دخلوا السجون الآن الذين ارتدت شيكاتهم أو تم غشهم على المجتمع أن يتفهم ذلك.
«ع.ن.» يحكي قصته ويقول: لديّ قريب لي دخل السجن وبعد أن خرج منه تغير تعامل الناس معه وتحول إلى معتاد إجرام بعد أن دخل بجريمة صغيرة، فأحياناً يصنع المجتمع المجرم، وحتى إذا ندم وتاب لا يغفر له ذلك..
محمد الطاهر «معلم» قال إن البعض ينظر إلى خريج السجون على حسب نوع جريمته التي ارتكبها، فبعض الأفراد يدخلون السجن نتيجة الظلم وبعد أن يخرجوا يجدون تعاملاً قاسياً من الأفراد معهم ويعيشون في عزلة من المجتمع وتكون هناك وصمة اجتماعية ملازمة له، لكن ينبغي للمجتمع أن يتقبله لأنه عاش في عزلة في السجن ويمكن أن يوظفه ويستفيد منه لأن بعض الأفراد بعد خروجهم من السجن يخرجون وقد تغير سلوكهم الإجرامي. يرى بروفسير علي بلدو استشاري الطب النفسي وأستاذ الصحة النفسية، أن الاتهام منذ البداية يمثل صدمة نفسية تنتقل مع الشخص أثناء التحري والمحاكمة إلى أن يتم إيداعه السجن وتستمر هذه المعاناة النفسية والاجتماعية حتى إلى ما بعد الخروج من السجن ويتعامل مع هذه الظاهرة علم نفس النزيل وعلم النفس الإجرامي والطب النفسي داخل السجون والإصلاحيات، ويشير بروف علي بلدو إلى أن السجين أثناء مدة سجنه يشعر بالدونية والنظرة السالبة للمجتمع باعتباره مجرماً سابقاً وأيضاً الخوف منه وعدم التعامل معه وعدم تزويجه أو الزواج منه، ما يضعف ثقته في نفسه ويجعله يشعر بالاكتئاب والكآبة والتي تقوده إلى النفور الاجتماعي والقلق المتواصل، وروح التوجس والخيفة تجعل من النزيل السابق مثالاً لعدم التوافق النفسي وتجعله يلجأ لوسائل أخرى مثل العدوانية والانتقام والحقد على المجتمع أملاً في العودة إلى السجن مرة أخرى بعد أن لفظه المجتمع، ويرى بروف بلدو بحسب إفادته لـ«الإنتباهة» انه يجب تهيئة النزيل نفسياً قبل الخروج، وأيضاً خلق قنوات التواصل بينه وبين المجتمع أثناء مدة السجن والسماح له بتطوير قدراته الأكاديمية والاجتماعية، وأيضاً الإرشاد الأسري وضمان العمل والإقامة له بعد الخروج، ويرى بروف بلدو أن التعب النفسي وعدم الراحة الذهنية والشعور بعدم التوافق الاجتماعي هي أقسى أنواع السجون والتي قد يظل الشخص حبيساً بها طيلة عمره.
كتبت: أفراح
صحيفة الإنتباهة
ت.أ