خالد حسن كسلا : عرمان هل سيحكم ولاية الجزيرة؟!

[JUSTIFY]حينما يعاود عرمان كذبه المفضوح القبيح، بعد أن قال إنه التحق بحركة قرنق في سبتمبر 1986م من أجل النضال، ومعلوم أن ذاك التاريخ كان فيه الصادق المهدي رئيساً للوزراء منتخباً ولم يكمل نصف العام من تسلمه الحكم من حكومة «الانتفاضة».. انتفاضة 6 إبريل التي يحتفل بها زملاؤه من الشيوعيين حتى في لندن، أي أن عرمان كان يناضل ضد «الانتفاضة الشعبية» و«الديمقراطية» لصالح التمرد الذي كان مشروعه إما إلغاء الإسلام وإقصاء العرب والمستعربين من الحكم وإما الانفصال.. والحمد لله على الانفصال.
والآن هذا الرويبضة يتحدّث عن ضرورة حكم ذاتي للمنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، ويقول لأن الخصوصية الثقافية في كلتيهما تدعو لذلك فيما يعني. وهذا أولاً معناه تكريس الانفصال الثقافي لأبناء المنطقتين، وعدم الترحيب بهم في إطار الثقافة الوطنية القومية العامة، وحتى حركة سفرهم وهجرتهم إلى الولايات الأخرى مثل ولاية الخرطوم، تكون مثل قدوم الأجانب من الدول الأخرى باعتبار أنهم ذوو خصوصية ثقافية كما يبرر عرمان. ولم ينتبه «ديك المسلمية» هذا إلى أن من حق أبناء أية ولاية سودانية أو إقليم سوداني أن يستقروا ويقيموا في إقليم آخر.
فلا يمكن منع أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق من أن يساكنوا إخوتهم المواطنين في ولاياتهم باعتبار أنهم يحملون ثقافة خاصة لن يقبلها الآخرون، لكن منطق عرمان يدعو إلى ذلك، وهو بحكم أنه تاجر حرب محترف، كان يهدد السودانيين بما يسميه «الجنوب الجديد» بعد الانفصال.

وهو الآن يتحدّث عن حكم ذاتي للمنطقتين باعتبارهما «الجنوب الجديد».. ولكن كيف يرى عرمان إيلام الشعب السوداني بحكاية «الجنوب الجديد»؟! أليس هذا موهوماً؟! إن هذا الرجل الذي ناضل ضد الانتفاضة الشعبية انتفاضة 6 ابريل وناضل ضد الديمقراطية الثالثة وأول حكم فيها منتخب لم يكمل نصف العام لا بد أنه ليست له قضية غير الهروب من واقع معين.. الهروب من «جحيم» الاتهام.. إلى «جنة تجارة الحرب».. إنه إذن هروب مستحق.
ثم حاول هذا الرويبضة أن يقنع الناس بأن مسألة الحكم الذاتي حق مكفول لكل الولايات، فيقول إن أبناء ولاية الجزيرة يمكنهم المطالبة بالحكم الذاتي، وفي هذا الحديث طبعاً تعويم لفهم الناس حتى لا يشعر أبناء المنطقتين بأن عرمان يدعو للتعامل معهم باعتبارهم مثل الجنوبيين سابقاً. وهذا طبعاً شيء مؤلم جداً، وواجب أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق تجاهه أن يردوا بقوة على هذا المتطفل الذي يتطفل في شؤونهم دون تفويض منهم. إن عرمان يرى جحيم الحرب وسعير النزاعات القبلية في الجنوب، ومع ذلك يريد أن يفتح الطريق إليه لأبناء المنطقتين. ثم إن سنار والنيل الأبيض هما الجنوب الجديد، أما جنوب كردفان فمازالت ضمن مناطق غرب البلاد وهذا بالمنطق الجغرافي. وحينما يتحدّث عرمان عن مسيحيين في جنوب كردفان والنيل الأزرق فهو يحاول خداع المجتمع الدولي الغافل الذي يتعامل فقط مع الإعلام الأمريكي والصهيوني المجرم. وأساتذة التاريخ في الجامعات البريطانية وعلى رأسها أكسفورد يعلمون تماماً تفاصيل الحياة الثقافية في المنطقتين.

وإذا كان «ديك المسلمية» يتحدّث عن «مناطق مقفولة أيام الإنجليز ليقنع الناس بطرحه حول الحكم الذاتي للمنطقتين، فإن وادي حلفا في أقصى الشمال كانت أيضاً ضمن المناطق المقفولة. ثم إن أبناء المنطقتين يضرهم جداً إضفاء خصوصية دستورية لولايتيهم، ونسبة المسلمين فيهما أكثر من تسعين بالمائة. وعرمان يملك هذه المعلومة، لكنه يريد الاصطياد في الماء العكر، فهو أصلاً ليس صاحب قضية إنسانية متجردة، إنه يرى القضايا الإنسانية من منظار ماركسي إلحادي.
وعرمان يشعر الآن بمشكلة مهمة هي أن أبناء النوبة ينظرون إليه كمتطفل على قضيتهم، لذلك يحاول «التعويم» حينما يتحدّث عن حكم ذاتي لولاية الجزيرة، حتى يهرب من الإحساس بهذه المشكلة.. مشكلة استنكار النوبة لوضعه في إطار قضية المنطقتين.
لكن سؤالنا لعرمان: من سيحكم ولاية الجزيرة اذا منحت الحكم الذاتي رغم أنها ولاية وسطية؟!. هل أبناء الحلاويين أم الدباسيين أم العركيين؟! أم عرمان نفسه رغم أن جذوره ليست في الجزيرة؟! إن وجود عرمان في وفد التفاوض حول المنطقتين يبقى غريباً جداً، وهو يحاول طمس هذه الغرابة بالحديث عن ضم دارفور والجزيرة لأجندة التفاوض.
أما عن رؤية حزب الترابي التي هي دمج دارفور مع المنطقتين سنعود إليها.

صحيفة الإنتباهة
ت.أ

[/JUSTIFY]
Exit mobile version