عبدالباقي الظافر: الشيطان في بيتنا..!!

بدأ توفيق سعيد بسفر أولاده وزوجته الى السودان.. سيلحق بهم بعد أسبوعين.. الشقة الصغيرة بدأت متسعة جداً.. ذلك الصخب والضجيج والحركة انتهى الى هدوء غريب.. الإنسان تشكله بيئته.. من قبل كان يسكن في هذه الدار وحيدا قبل أن تلحق به زوجته وتملأ البيت حيوية بثلاثة عيال.. تذكر كيف يقتل هذا الملل.. دفتر التلفونات الذي خبأه من زوجته قبل ست سنوات.. اكتشف أن الوصول الى السر يحتاج أيضاً للاستعانة بزوجته تهاني التي أطبقت قبضتها على البيت.. افضل وسيلة (الاسكاي بي) ستأتيه زوجته صورة وصوت وسيمارس اكبر قدر من الحيل للوصول لذاك الدفتر الذي يأخذه الى أيام المجون.

لم يكن توفيق يحتاج الى شيء سوى تنشيط شاشة الكمبيوتر.. ابنه الصغير ذو الخمس كان يحكي معه قبل نصف ساعة ويقارن له ما بين عجمان والخرطوم.. في لمح البصر جاءته الشقة المفروشة في مدينة الفردوس بالخرطوم شرق.. بدأت الشقة في ذاك الصباح الباكر كأنها خالية.. ماذا حدث.. من ذات المقعد لجأ الى الهاتف.. زوجته لا ترد.. ربما شغلها شاغل.. استغل السانحة وبدأ يتذكر في رقم صفية.. يا له من رجل رعديد مسح الرقم بعد الزواج ولكن احتفظ به في الذاكرة.. جاءه ذات الصوت العميق.. (وين يا حبيبنا).. هذه السيدة الجميلة زوجة سوداني تقاعد عن العمل ولكنه لم يبرح دنيا الاغتراب.. دخلت زوجته السوق.. بدأت بنفسها ثم توسعت لتنشيء شبكة تتاجر في الجنس.. ضحكت في وجه توفيق وقالت له: (يا أخي أنا تبت).. المساومة وصلت الى أن تتعشى معه مساءً في داره بصحبة شابة إثيوبية.

احتاج مرة أخرى الى زوجته المسافرة.. هؤلاء ضيوف على قدر من الأهمية.. يدرك جداً الأجواء التي تفضلها القوادة الجميلة.. عاد الى دنيا الـ(سكاي بي).. لم يحتمل المفاجأة.. زوجته تجلس سافرة مع رجل غريب.. الغريب يقترب منها بشكل مزعج.. على محياها ابتسامة هادئة وترتدي فستانا أنيقا.. بدا يرتجف جاءه إحساس أن الجلسة العاطفية في أي لحظة ستتحول الى ليلة حمراء تفوق ليلته الموعودة.

بدا يحاسب نفسه.. تزوج هذه الفتاة معتمدا على صورة فوتوغرافية.. اغلب الظن أن هذا الشاب الوسيم كان أحد الذين أحبوها في الماضي.. سألها كثيرا عن الماضي ولكنه لم يجد إجابة تشفي غليله.. استخدم الهاتف مرة أخرى لينقذ ما يمكن إنقاذه. حملت الهاتف الى مرمى عينها ثم ردته ردا جميلا على الطاولة المقابلة.. فكر في الاتصال بشقيقه حتى يكون شاهدا.. عندما يصل طارق شقيقه سيكون كل شيء انتهى.

عاد توفيق للاتصال مجددا.. أخيرا رفعت صفية السماعة.. حاول استدراجها بلغة إيحائية (شكلك خارج البيت يا صفية).. لا أبدا أنا معاي حسام ود أختي مريم نناقش في مشكلة خاصة).. وقعت من يده السماعة.. كانت كثيرا ما تحكي له عن الشاب حسام ابن شقيقتها الكبرى والذي يماثلها في العمر ولم ينجح في حياته الزوجية لأنه يعيش تحت إحساس نفسي غريب أن زوجته تخونه مع عشيق من الماضي.. رفع السماعة بإحساس ممزوج بين الهزيمة والنصر.. في هذه اللحظة جاءه صوت حسام يحيه بلطف فيما زوجته كانت تصيح من مكانها (يا حمودي تعال كلم أبوك).. عاد حمودي يحتضن الهاتف ليواصل مشاهداته عن الخرطوم البلد المتسخة، وكان والده يرد (ولكن أهلها نظيفون يا حمودي).

جذب توفيق نفسا عميقا وهو يغادر كرسي المراقبة.. اتصل على صفية مرة اخرى.. قبل أن يبتدر الحديث عاجلته (الشفقة شنو يا توفيق.. رتبت كل الحاجات).. صمت توفيق ثم طلب منها الغاء كل الترتيبات ومسح رقم هاتفه.. قبل أن ترد أغلق الهاتف ثم بدا يمسح على دموعه.

عبدالباقي الظافر– التيار

Exit mobile version