حقيقة أن رباط الزوجية في بلادنا يحتاج إلى إنعاش وتجديد في ظل بخل معظم السودانيين بالتعبير عن مشاعرهم الدافئة تجاه اﻵخر ، ﻻ أدري ما الذي جعلنا بخلاء في الإفصاح عن مشاعرنا كرماء في موائدنا وإغاثة الملهوف ، فتجد حتى كلمات الشكر و الإعجاب فيما بيننا تنتزع منا بصعوبة ،
ومن الطرائف يحكى أن إستبيان تم وسط الرجال بالسؤال عن آخر رسالة أرسلتها لزوجتك فكانت الإجابات جميعها ذات طابع جاد وجاف يتعلق بالهموم اليومية والمعيشية ، وعندما عكس السؤال للنساء كانت الإجابات أكثر طرافة من نوعية ( جيب معاك بامبرز ) .. ( وماتنسى العيش ) .. ( الكهرباء عاملة 5 ) .. الخ ،
صحيح أن هموم المعيشة أصبحت هي شاغل الناس ولكن في زحمة هذه الحياة المحبطة ، ﻻبد من إبداء مشاعر تنعش حياة الزوجية وتزودها بوقود الحيوية والإستمرار ، فمعظم حاﻻت الطﻻق وتزايد المشكلات في العلاقات الزوجية بسبب هذا الفتور والبخل بالمشاعر ، وعدم وضوح ماتحمله الدواخل ،
فكيف تزهر المودة والرحمة في ظل هذا الجفاف العاطفي ، وعدم سقيها بتعابير الود والثناء والإحترام ، في إحدى البلدان ﻻيمكن أن تترجل الزوجة من السيارة دون أن يفتح لها زوجها الباب كنوع من التقدير والإحترام ، وهي كذلك تفعل تجاهه بأكثر من ذلك ! يحكى أن أحد السودانيين ذهب مع زوجته إلى مناسبة وعند وصوله ، ترجل واتجه من الناحية الأخرى وفتح لزوجته الباب ، شاهده بعض أهله وأخذوا يسخرون منه بأن زوجته ( طالعة فوق رأسه ) بالعامية السودانية ، وفي خضم السخرية وتعالي الأصوات بالضحك والمزاح ، صاح فيهم : ( ياجماعة ماتظلموني ساكت والله باب السيارة معطل ) ،
بالتأكيد الدعوة ليست للأزواج السودانيين لفتح باب السيارة لزوجاتهم فهذا سلوك بعيد المنال في ظل ثقافة سائدة يبدأ تدريسها من أول يوم من قبل أهل الزوج أو الزوجة بأن ( أضبح ليها أو أضبحي ليهو الكديسة ) وهو مصطلح أو شفرة معناها ( أن تتحكم في زوجتك أو تحكمي في زوجك حتى قطع الأنفاس ) وكأنهما ذاهبان لمعسكر تدريب قتالي ، وليست عشة زوجية هانئة جعلها الله تعالى من آياته ،
علينا أن نتمرن في حياتنا على تعابير اللين واللطف والحب والود والإعجاب ونشيع فينا هذه الثقافة المستمدة من شرعنا الحنيف ، بدﻵ عن هذه القسوة والجفاف ، ولو سألنا كيف تستقبل الزوجة زوجها حين عودته وكيف تودعه سنجد أن الواقع مبك ومضحك من نفس عينة ( ما تنسى البامبرز ) ، أشيد بحملة الشيخ ” الحكيم ” وأتمنى إشاعتها بين الجميع لتنقية أجواءنا الأسرية و جعلها مفعمة بالحيوية تنبض فيها الحياة .
بقلم : محمد الطاهر العيسابي [email]motahir222@hotmail.com[/email] إلي لقاء .. صحيفة الوفاق