تحالف قوى الإجماع الوطني.. البعد عن نفير أديس أبابا وعير الحوار الداخلي

[JUSTIFY]ثمة تناقض يجري في جولة التفاوض الحالية ما بين الحركة الشعبية قطاع شمال والحكومة تحت وساطة الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة “أمبيكي”، والأخبار الواردة من ردهات فندق (رديسون) حيث يجري ماراثون التفاوض غير واضحة وتحتمل أكثر من رأي، فثمة أخبار تأتي بتقارب وجهات نظر الفرقاء وأخرى تشير إلى تباعد المواقف، وثالثة عن محاولة قطاع الشمال نسف جولة التفاوض المفصلية بالمنطقتين النيل الأزرق وجنوب كردفان التي وصلت مداها بمناداة المجتمع الدولي للفرقاء بضبط النفس والاحتكام إلى التفاوض والاتفاق.
وعلى نقيض ما يدور في أديس أبابا، يشهد الوضع السياسي الداخلي الكثير من الضبابية حول مصير المعارضة بمختلف أحزابها وقواها السياسية، فعلى عكس المؤتمر الشعبي الذي بدأ تقاربه مع النظام يخيف المعارضة ويلوح بوحدة الإسلاميين حسب معطيات السياسة، يشهد حزبا الأمة والاتحادي الديمقراطي (الأصل) المصنفان كأكبر الأحزاب السودانية بعد المؤتمر الوطني حالة من العزلة وتباين في المواقف تجاه قضايا الواقع الراهن، فالأمة خرج زعيمه “الصادق المهدي” وطاب له المقام بقاهرة المعز كمركز رئيسي لتحركاته وتنقلاته ما بين دول المشرق والمغرب واحتمال عودته للبلاد مجهول، بينما يقيم رئيس حزب الاتحادي “محمد عثمان الميرغني” في عاصمة الضباب لندن مستشفياً وسط أنباء متضاربة عن مشاركته في الانتخابات، مردفاً موقفه من المشاركة بدعوة جماهير حزبه للتسجيل، وخرجت قيادات من حزبه بقيادة “علي نايل” و”علي السيد” معارضة المشاركة بالانتخابات ورافضة مبدأ التفاوض مع النظام.. وبين كل هذا وذاك يشهد تحالف المعارضة ممثلاً في قوى الإجماع الوطني حالة من التشتت خاصة بعد تصريحات “إبراهيم الشيخ” رئيس الحزب السوداني مهاجماً ومطالباً بتنحي “أبو عيسى”.. والأخير وصل إلى الخرطوم قبيل نحو (10) أيام قاطعاً علاجه بالقاهرة لغرض واجب عزاء، وبدا منعزلاً عن الساحة السياسية ورفض الحديث لوسائل الإعلام عن ما يجري من أحداث ساخنة تعج بها الساحة، من إجراءات تعديلات في الدستور الانتقالي وجولة المباحثات في أديس أبابا والحوار الداخلي والانتخابات المقبلة.. وعلى ما يبدو ومن خلال المشهد فإن أحزاب المعارضة باتت تغرد خارج السرب، حيث لا طالت عير الحوار الوطني ولا نالت نفير المشاركة في جولة المفاوضات في أديس أبابا.
(المجهر) استنطقت عدداً من أحزاب المعارضة للحديث عن ما يجري في أديس أبابا وموقفها منها.

{ ضبابية في الرؤية
القيادي بالحزب الشيوعي “صديق يوسف” قطع بصعوبة الحكم على مصير المفاوضات، خاصة في ظل الأنباء المتضاربة التي تأتي من العاصمة الأثيوبية أديس وقال لـ(المجهر) إنهم يتمنون ولو مجرد اتفاق يفضي إلى إيقاف إطلاق النار ووقف العدائيات ولو لفترة مؤقتة لدواعي إيصال المعونات الإنسانية ومساعدة الناس على الحصاد، ولاستقرار المواطنين في مناطقهم. وتجنب “صديق” الحديث عن تجازوهم كمعارضة من قبل في جولات التفاوض المنعقدة بين الحركة الشعبية قطاع الشمال والحكومة وقال: (هذه جولة تفاوض تحت رعاية جهات دولية ولا ناقة لنا فيها ولا جمل بينما الحوار الوطني وضعنا شروطنا فيه وقاطعناه عندما لم نجد التجاوب مع متطلبات الحوار الأساسية من الحريات وإيقاف الحرب).
وجدد “صديق” مقاطعتهم للانتخابات ومطالبتهم بحكومة انتقالية تعمل على إصلاح البلاد، متهماً نظام الإنقاذ بالمماطلة وعدم الجدية في الحوار وتعطيله. وختم حديثه معلقاً على تقارب حزبي الوطني والشعبي قائلاً: (أكيد دي وحدة وأنا شايف كمال عمر بقى الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني أكثر من الشعبي).
{ عودة “الصادق”
بينما قال عضو المكتب السياسي بحزب الأمة “ياسر جلال” لـ(المجهر) إن عودة “الصادق المهدي” مرهونة بقرار من هيئات الحزب تقرر بشأن عودته. ونفى “ياسر” تجاوز الجبهة الثورية لهم في مفاوضاتها مع الحكومة، وقال إنهم على تواصل وتنسيق تام مع الجبهة الثورية في ما يتعلق بـ(إعلان باريس) وجولة التفاوض الحالية التي تجري في أديس.. وعن جولة التفاوض الحالية قال: (كل المؤشرات تشير إلى وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، والأخبار الواردة من هناك غير واضحة وغير مطمئنة)، وأشار إلى أنهم يتمنون أن تنجح المفاوضات، لكنه يرى أن أي حل جزئي لمشاكل السودان لن يقود إلى الاستقرار، وقال إنهم رافضون الخوض في الحوار الداخلي لمتطلبات غير متوافرة في تطبيق الحكومة لوعود إطلاق الحريات وإيقاف العدائيات، وأكد أنهم رافضون فكرة خوض الانتخابات ولن يتغير موقفهم طالما النظام يقف في مربع التعنت والإصرار على المضي في إجراء الانتخابات دون استصحاب القوى السياسية في هذه التطورات المفصلية.

{ لا حوار
وقلل القيادي بحزب البعث عضو تحالف المعارضة “محمد ضياء الدين” من ما تردد عن تجاوز قطاع الشمال لهم في المفاوضات الجارية بينه والحكومة في العاصمة الأثيوبية “أديس أبابا” حول قضايا منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، لافتاً إلى أن الحوار نتاج لقرار مجلس الأمن (2046) القاضي بمعالجة قضايا المنطقتين في إطار حوار مباشر بين قطاع الشمال والحكومة، وأنه لا مجال لطرف ثالث فيه.
واقترح “ضياء الدين” في حديثه لـ(المجهر)، لحدوث اختراق في التفاوض بين الطرفين، القيام بحزمة إجراءات فصلها بإعادة الثقة وتهيئة مناخ الحوار بإجراءات ملموسة، تبدأ بوقف العدائيات وإطلاق النار والعمل والتنسيق بين الطرفين، لغرض وضع معالجات عاجلة للتداعيات الإنسانية المترتبة على الحرب ومناقشة إطلاق سراح الأسرى والمحكومين. ويرى “ضياء الدين” أنه دون تلك الإجراءات تصبح من الصعوبة بمكان الوصول إلى معالجات حقيقية لقضايا المنطقتين. وقال إن المفاوضات بدأت من حيث انتهت المفاوضات السابقة، وإن كل طرف متمترس حول موقفه السابق، مشيراً إلى أن الحوار الوطني مرتبط بجملة من الإجراءات حددتها المعارضة لكي يصبح حقيقياً ومنتجاً وفاعلاً.
فيما عبر القيادي بالاتحادي (الأصل) “علي نايل” عن سخطه جراء تعنت الطرفين وقال: (والله نتمنى الخير والسلام، لكن أستبعد أن تنجح.. المفاوضات دي بقت مسيخة ومملة للغاية). ونفى “علي” وجود أي انشقاقات بالحزب كما راج مؤخراً، مشيراً إلى أن هنالك أشخاصاً يصطادون في المياه العكرة وهم الوزراء المشاركون في الحكومة بإثارتهم المشاكل والشائعات المغرضة، مضيفاً إنهم يرفضون أي حوار تحت مظلة النظام الحالي.

تقرير – محمد جمال قندول
المجهر السياسي
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version