:: وذات جمعة، شهدت وقائع انفصال جنوب السودان، مررت بمنزل الزعيم الأزهري، وشاهدت بعض الشباب يوشحون جدار المنزل بقماش أسود حزناً على انفصال الجنوب، أو هكذا كان تعبير الشباب عن انشطار وطنهم.. لم يجدوا ملاذاً يأوي أحزانهم، فلاذوا بمنزل الزعيم ليشاطرهم الجدار حزن هذا الانشطار.. ورغم أنف أحزان تلك اللحظة، كانت الفكرة والسؤال: (بيت الأزهري ده حق منو؟).. وكان القصد من السؤال أن نحفظ التاريخ المُشرق للزعيم الأزهري ونحافظ عليه، وذلك بتخليد ذكراه في هذا المنزل العريق بحيث يكون مُتحفاً تأتي إليه خطى السواح، وكذلك قلوب ومشاعر أبناء الوطن، وبهذا نكون قد بادلنا عطاء الزعيم ببعض الوفاء.
:: فالدول وشعوبها دائماً ما تحتفي بإرث وآثار رجالها الذين سطروا تاريخهم بأحرف من نور الصدق والإخلاص والطهر والنقاء في دفاتر التاريخ. ولهذا، ناشدت الحكومة والمعارضة والمجتمع بالنص: منزل صانع استقلال بلادنا يجب أن يكون مُتحفاً كما متاحف ناصر والسادات ومحمد نجيب بمصر، ومتحف عمر المختار بليبيا، ومتحف يوسف العظمة بسوريا. كانت بيوتهم، ثم صارت متاحفَ تحكي عن تضحياتهم وتوثق سيرتهم ومسيرتهم في تاريخ أوطانهم.. منزل الأزهري مُشيَّد بحر مال صاحبه، و(بالدين والأقساط)، وهنا تتجلى قيمتهما (المنزل وصاحبه). ولذلك، كان الاقتراح – لأسرته ولكل أهل السودان – بتحويل هذا البيت إلى متحف شامخ يشير إلى زواره بلسان حال قائل: (هنا ذكرى الزعيم الذي حرَّرَ بلده).
:: نعم، منذ زمن بعيد، كان يجب توفيق أوضاع أسرة الزعيم بمنزل أو منازل، ثم تحويل بيت الأزهري إلى (متحف الزعيم). وبمثل هذا المشروع الوطني، كان علينا – شعباً وحكومة ومعارضة – أن نتشبه بالذين حولنا في هذا الكون، ولكن يبدو أننا لا نشبه إلا (بؤس حالنا).. فالعنوان الصادم الذي تصدر – صباح أمس – قائمة عناوين أخبار صحيفة (الصيحة) كما يلي نصاً: (على خلفية طلب أحد أفراد الورثة بنصيبه، عرض بيت الزعيم الأزهري للبيع).. ومع التقدير للزملاء بـ(الصيحة)، نأمل أن يردهم نفي لهذا الخبر، وبالتأكيد وقع النفي أخف وطأة على نفوسهم – ونفوس كل أهل السودان – من أن يُعرض بيت الأزهري للبيع. والمهم، أي بغض النظر عن هذا الخبر، آن الأوان بأن يُفكر الشعب قبل الحكومة والمعارضة في أن يُكون بيت الأزهري (مُتحفاً).
صحيفة السوداني
خ.ي