تجربة قوات الدعم السريع في إضعاف قطاع الشمال!!

[JUSTIFY]نجحت تجربة قوات الدعم السريع في خلق معادلة اجتماعية وسياسية قوية أفرزت قدراً من الأمن والاستقرار في مناطق مختلفة من المناطق الغربية في السودان التي تشهد منذ سنوات نزاعاً مسلحاً. ذروة نجاح التجربة بدت بوضوح في منطقة جنوب كردفان وهي المنطقة التي اختارتها قوات قطاع الشمال لسنوات مضت ساحة للمعركة بينها وبين الحكومة السودانية في مسعى كان واضحاً أنه يهدف لإعادة تجربة حرب الجنوب السابقة. وبالطبع حين نتحدث عن نجاح تجربة قوات الدعم السريع إنما تجري مقايسة موضوعية ونظرة ميدانية عامة وشاملة على الأوضاع على الأرض لندرك حقيقة ما أمكن تحقيقه.

ذلك أن تجربة قوات الدعم السريع قامت على ما يمكن أن نسميه «بالتكوين الاجتماعي» لهذه القوات، اذ على سبيل المثال فإن قوات «قدس2» كانت عبارة عن منظومة اجتماعية من كل أبناء المنطقة الأمر الذي مثل جوهراً ومظهراً- شكلاً من أشكال رفض أبناء المنطقة للحرب التي يشنها قطاع الشمال، وهذه في الواقع احدى تجليات وايجابيات التنوع في السودان إذ ليس صحيحاً أن القضايا الخلافية سياسياً ذات ارتباط وأبعاد إثنية ظاهرة أو مستترة. قوات الدعم السريع لا سيما في منتصف ابريل الماضي قدمت النموذج والبرهان على أن بامكان أبناء المنطقة الحاق الهزيمة الماحقة بمن يروعون الأهالي ويعتمدون على الدعاية السياسية الإعلامية في تصدير واقع المنطقة. ولهذا فإن قادة قطاع الشمال ألجمتهم المفاجأة الصاعقة حين استطاعت هذه القوات أن تهدم وتهزم الى الابد مقولة الصراع بين الأفارقة والعرب، أو المسلمين وغير المسلمين، أو اثنيات بعينها في مواجهة المركز! كان الأمر صادماً للغاية لقادة قطاع الشمال حين حاقت بهم الهزيمة في سياق جهد الدولة السودانية دون النظر الى مكون معين منهما أوالاشارة الى سلطة بعينها للقضاء على الحرب العبثية التي لا طائل من ورائها.

وقد تسبب هذا الوضع كأمر حتمي في بداية تزعزع ثقة قادة القطاع بأنفسهم من جهة، وبطبيعة خطابهم السياسي والاثني من جهة ثانية، وبطبيعة مستقبل القطاع نفسه، اذا كان أبناء المنطقة ليسوا رافضين للحرب فقط وانما هم يقاتلون ضد من يشعلها بضراوة.
الأمر الذي رآه العديد من المراقبين في الحيرة التي إنتابت قادة قطاع الشمال حيال مفاوضاتهم مع الحكومة، وحيال قضية الحوار الوطني لقد أدركوا أن هنالك «قطار» يزمع الإنطلاق، ومن الممكن أن يتجاوزهم في أي لحظة دون أن يتمكنوا من أخذ قطار آخر كانوا يفضلونه على ما سواه. الأمر الأكثر أهمية أن «قضية القطاع» نفسه كقطاع شمال وكحركة شعبية لن تعد قضية واضحة «قابلة للتفاوض» في منبر أديس أبابا اذ أن الأسئلة المحورية التي ما فتئت تدق الرؤوس والاذهان بقوة.

من يمثل القطاع؟ والى أي مدى يملك القطاع تفويضاً من أبناء المنطقتين؟ وحتى على فرض تمثيل القطاع «لكل» أبناء المنطقتين ما الذي يعطي القطاع وحده ومع كونه مهزوم عسكرياً في الميدان ميزة الحصول على مزايا سياسية في ظل انطلاق حوار وطني واسع النطاق يشمل كافة أطراف الأزمة السودانية؟ من المؤكد أن المجال لم يعد يتسع لإعادة استنساخ نيفاشا من جديد، كما أن إمكانية إيجاد تسوية سياسية تعطي قطاع الشمال أفضلية سياسية متفردة بدأت في التلاشي فعلياً والأدهى والأمر أن هناك استحقاقاً انتخابياً قادماً لا محالة فحتى لو حدث تأجيل، فإنه قادم لا محالة وسوف تنكشف سوءات القطاع أكثر!!.

صحيفة الإنتباهة
ت.أ

[/JUSTIFY]
Exit mobile version