*وقبل فترة واحد – من الشباب – قبّل مغنية اسمها (مين كده !)…
*ومفردة (مين) هنا ليست من قبيل الاستخفاف ولكني (بالجد) لا أعرف مطربي هذه الأيام ..
*فهم قد تكاثروا علينا تكاثر الهم والغم والحزن و(الوزراء!) في حياتنا ..
*المهم أن فتاة اقتحمت خشبة المسرح لتطبع على خد (اسمو مين ده) قبلة ..
*فقد وصلنا (الدرك) هذا في ظل نظام كان يمنع – إلى وقت قريب – بث أغنية (القبلة السكرى)..
* أما الآن فالقبلات صارت (تهسهس) على إيقاع الطبيعة- وليس الأوركسترا وحسب – كحال التي تغنى بها عثمان حسين ..
*ولأن القبلة بالقبلة تُذكر – لا مؤاخذه – فقد انداحت الظاهرة لتصل أعتاب بلاط صاحبة الجلالة..
*فزميلٌ لنا – ندعه مستوراً – اقتحمت مكتبه مراهقة جامعية لـ(تفرض!) عليه قبلة باسم الإعجاب..
*وبعد أن صدها بلطف – وغادرت كسيفة – قال له أحدهم مداعباً (ياخي دي اسمها القبلة الحيرى على وزن السكرى)..
*وكذلك يبدو أنها (حيرى) كل القبلات التي تتطاير في فضاءات عاصمتنا الآن مزاحمةً لشعارات (التأصيل!)..
*وليت (مغنواتية) زماننا هذا كانوا يستحقون هذه القبلات التي لم يحظ بمثلها وردي ولا عثمان حسين ولا أحمد المصطفى ..
*فهم (يستاهلون) الصفع على الخدود عوضاً عن (البوس!) ..
*وليس معنى هذا أن كبار مطربينا كانوا سيرضون بالقبل هذه إن حظوا بها من تلقاء مراهقات بلادي ..
*فمحمد وردي أزاح من أمامه معجبة من دولة مجاورة حين اندفعت نحوه بهدف تقبيله..
*وكذلك كان سيفعل الشيء ذاته زملاؤه من عمالقة الطرب لأن الفن – بالنسبة لهم – رسالة وليس محض ابتذال بشارع (الحمراء !)..
*ومن بيروت هذه – تحديداً – جاءتنا (تقليعات) لغوية وثقافية وإذاعية لتجد عندنا تربة خصبة تنمو فيها (عشوائياً!)..
*لتجد عندنا ذلك – في زماننا هذا – رغم شعارات الدين والتأصيل وإعادة صياغة الإنسان السوداني ..
*(أهو اتصاغ كويس) يا حارس بوابة الدولة الإسلامية – إسحاق فضل الله – وتفشت فينا (اللبننة!!)..
*ففي إذاعاتنا – المرئية والمسموعة – تجد الجيم المعطشة، وفي صحافتنا تجد بدعة (هكذا أمر)، وفي صالاتنا الغنائية تجد (البوس!)..
*أما عبارات (الو مرحبا) و(صباح الخير عليك) و(حابه) و(حابي) اللبنانية فقد كرهت تلفزيوناتنا بسببها..
*ولكن أن يصل داء الاستلاب الثقافي حد (البوس) فهذا ما لا يمكن السكوت عليه..
*وربما نسمع عما قريب من أحد شعراء (نجر) المنحط من غنائنا مجاراة لأغنية (بوس الواوا أح !)..
*والغريب أن دولة لبنان هذه الذي يقتدي بثقافتها بعض شبابنا سبق أن اعترضت على ضم بلادنا للجامعة العربية..
*وإن كان كلامي هذا لا يحرك ساكناً في مشاعرنا السودانوية فلنستعد لقادمٍ هو (كتير مليح!)..
*ومن (المليح) هذا استبدال اسم شارع النيل الذي تطل عليه مسارحنا وإذاعاتنا وفضائياتنا باسم (شارع الحمرا!)..
*ثم (يحار) النيل والليل والقمر من قبلاته (الحيرى!!!).
صلاح الدين عووضة- الصيحة