تعثر وأضح
أفاد بيان ممهور بتوقيع رئيس وفد الحكومة للتفاوض البروفسور “ابراهيم غندور” حصلت عليه الصحيفة عقب أول جلسة تفاوضية بضرورة استئناف التفاوض بالدخول في جلسات مباشرة بين الوفدين في حضور وإشراف الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ومناقشة قضايا المنطقتين من حيث انتهت آلية الجولة السابقة في أبريل، إضافة لحصر قضية المنطقتين كموضوع وحيد وأساسي للتفاوض والالتزام بالمرجعيات الأساسية المتمثلة في قرار مجلس الأمن 2046 وبيانات مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في 24 أبريل 2012م والقرار الـ(23) لذات المجلس في اجتماعه رقم (42). وشدد البيان على أن أي قضايا قومية مكانها الحوار الوطني داخل البلاد وليس منبر مفاوضات المنطقتين.
الحركة توافق والحكومة تتحفظ
وكان قد قدم كل من وفدي الحكومة والحركة ورقة حوت موقفه التفاوضي، وتبدى في الورقتين تبايناً لافتاً حول حصر التفاوض في المنطقتين أو اشتمال المنبر على الاتفاقات التي ابرمت منذ سبتمبر الماضي الخاصة بالحوار الوطني.
تبا عد المواقف بين وفدي التفاوض دعا الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة “ثامبو أمبيكي” للدفع بورقة توافقية تضمنت الاعتراف بالتطورات الأخيرة واعتمدت الاعتراف على القرار (456) الصادر من مجلس السلم والأمن الأفريقي، وخاصة الاتفاق المبرم مع الآلية الرفيعة والخاص بالحوار كما تبنت الورقة قيام منبرين في عملية تفاوضية واحدة أحدهما للحركات الدارفورية والآخر للحركة الشعبية للوصول إلى اتفاق لوقف العدائيات وإقامة مؤتمر تحضيري للأحزاب السودانية في العاصمة الإثيوبية تمهيدا لانطلاق جلسات الحوار الوطني.
وأبدى وفد الحركة موافقة فورية على الورقة التوافقية للوساطة. وقال رئيس الوفد “ياسر عرمان” في تصريحات صحفية إن كلا من الوفدين قدما للوساطة رؤيتهما التفاوضية، وجاءت الآلية بورقة توفيقية من عندها. وتابع (إن وفد الحركة يعلن الآن موافقته عليها والوفد ملتزم بوقف الحرب وبالحوار، ونحن مستعدون لمواصلة التفاوض على حسب ورقة الوساطة ونريد حلاً شاملاً ومؤتمر حوار دستوري لكل السودانيين ونريد من الحكومة أن توقف إجراءات الانتخابات التي تقوم بها بشكل منفرد، وقيام حكومة انتقالية بمشاركة كافة القوى السياسية السودانية).
يبدو أن موافقة قطاع الشمال على ورقة الوساطة أدخل وفد الحكومة في مأزق وأصبح لا خيار أمامه إما أن يقبلها أو يعلن رفضه لها ومن خلال رئيس الوفد بروفيسور “إبراهيم غندور” كان واضحاً أن الحكومة لها تحفظات على ورقة الوساطة التوافقية قد تدفعها الى المطالبة برفع الجولة رفعا للحرج).
وما يشير إلى ذلك أن الوفد الحكومي لم يرد على الورقة التوفيقية للوساطة وطلب مزيداً من الوقت لدراستها، وعليه تم تأجيل الجلسة المقررة للنظر فيها
رفض قاطع
الجدير بالذكر أن رئيس وفد الحكومة للمفاوضات البروفسور “إبراهيم غندور” كان قد رفض قبل عرض ورقة الوساطة التوافقية عليه أي حديث عن توسيع منبر التفاوض ليشمل دارفور، وقال إن وفد الحكومة أتى هذه الجولة وفقا للتفويض الممنوح من قبل مجلس الأمن الدولي بالرقم 2046.موكداً أن وفده يدخل الجولة الحالية بقلب مفتوح للتوصل إلى السلام. وأفاد أن مواطني النيل الأزرق وجنوب كردفان يترقبون إنهاء معاناتهم، منبهاً إلى التطورات السياسية التي يشهدها السودان على خلفية الحوار الوطني. وجزم “غندور” في تصريحات صحفية مساء (الخميس) الماضي أن الحكومة تبحث عن السلام عن طريق التفاوض مع حملة السلاح وتعتبر التفاوض والحوار الطريق الوحيد لإنهاء النزاعات الداخلية. وقال: (جئنا يحدونا الأمل وتدفعنا العزيمة من أجل الوصول لاتفاق يوقف نزيف الدم في بلدنا ويفتح آمالاً جديدة من أجل التنمية و وقف معاناة النساء والأطفال والعجزة الذين ظلوا يدفعون ثمن طموحات البعض وأجندتهم السياسية). وأشار إلى أن أمل أهل السودان يحتم علينا في أن نمضي قدما من أجل سلام مستدام يأمن فية المواطن على روحه وماله ولنؤكد أننا أمة واحدة وشعب واحد وجيش واحد وطن يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات. ونصح “غندور” وفدي التفاوض بالابتعاد عن التكتيك الذي قال إنه لن يفيد ولن يوصلنا إلى ما نتطلع عليه. وقطع أن الحرب والبندقية لن تحقق الأجندة إنما بالحوار وحده نتفق وعبره فقط نصل إلى ما نريد.
لا .. أمل للنجاح
أما الوسيط الأفريقي “ثامبو أمبيكي” قد قال لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمفاوضات إن الوساطة سعيدة بعودة الطرفين لاستئناف التفاوض حول المنطقتين. وأشار إلى الحراك السياسي الذي انتظم السودان ما يشير إلى (رغبة أكيدة للأطراف السودانية بضرورة تحقيق السلام والاستقرار).
من ناحيته يرى المحلل السياسي “صلاح الدومة” عدم وجود بارقة أمل للنجاح، عازياً ذلك لمواعيد عقد المفاوضات. وقال: (المواعيد حددت قبل فترة ومن تاريخ التحديد حدثت أشياء كثيرة سوف تعثر مسار التفاوض). وذكر أن الحزب الحاكم ما عاد يأمل في نجاحها لأن بصره شاخص نحو الانتخابات وعاب علي قطاع الشمال بتبنيه كل مشاكل السودان وليس المنطقتين. وجزم “الدومة” بأن الوسطاء أقنعوا القطاع لتنحصر على المنطقتين فقط ولكن الجبهة الثورية أقنعت الوسطاء هي الأخرى بأن أي حل دون إحلال السلام في دارفور سوف يؤثر على مجريات تنفيذ الاتفاقية. وقال إن وجود قيادات من الجبهة الثورية في مكان التفاوض لن يؤخر ولن يقدم. وقال: (هي ليست وسيطة). وقطع بأن من يملك مسار التفاوض سواء في المنطقتين أو دارفور هو الوساطة الأفريقية وخلفها القوى الغربية التي قال إنها تقف خلف الستار وتقوم بالضغط على الحزب الحاكم لضمان استمرار مصالحها فقط.
أهمية الجولة
وبالنظر لاهمية الجولة السابعة التي أنطلقت يوم (الأربعاء) الماضي لوفدي التفاوض فبالنسبة للحكومة فإن الحاجة لقدر من الأمن والاستقرار ضرورة من ضرورات المرحلة، خاصة وأنها مقبلة بعد أشهر قلائل على استحقاق دستوري من المهم أن يجري في مناخ سياسي وفاقي بعد أن ابتدر الحزب الحاكم الحوار الوطني مطلع العام الحالي ليصل الوفاق الوطني لمعالجة كافة الإشكالات السياسية والأمنية على الأرض مع كافة أطراف المعادلة القوى السياسية والحركات المسلحة. أما بالنسبة لقطاع الشمال فإن أهمية نجاحها تكمن في عدة أمور يدركها قادة القطاع بحيث إن قوات الدعم السريع التابعة فنياً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني ولوجستياً لقوات الشعب المسلحة قادت عمليات نوعية في الميدان على الأرض في ما عرف بـ(الصيف الحاسم) التي أجبرت قوات القطاع على التراجع والانسحاب من نقاط مهمة وحصينة كان القطاع إلى وقت قريب يباهي بها وهناك حديث عن احتمال خوضها عمليات في منطقة النيل الأزرق مشابه لما تم في جنوب كردفان لإحداث تقدم عسكري هناك ومن ثم يعقبه العمل السياسي.
فك الارتباط
في الوقت الذي يتمسك فيه رئيس وفد الحركة الشعبية – قطاع “ياسر” عرمان بحوار شامل يتجاوز المنطقتين إلى كل السودان بما في ذلك دارفور. وأكد ذلك صراحة عندما، قال:(إن الحركة الشعبية ستناقش في هذه الجولة قضايا السودان كافة من خلال منبرين، انطلق الأول يوم (الأربعاء) الماضي للتفاوض حول المنطقتين بينما ينطلق المنبر الثاني في الثاني والعشرين من الشهر الجاري في أديس أبابا أيضاً (واعتبر الجولة الحالية (فرصة نهائية) للخروج بالسودان من أزماته، قائلاً: (إن أمام الطرفين طريقين لا ثالث لهما). ودعا إلى ضرورة تجميد الانتخابات لتقام تحت رعاية حكومة انتقالية.
وكان عدد من قيادات المنطقتين أبدوا امتعاضهم في وقت سابق من الشهر المنصرم بخروج الحرب من سياقها التاريخي المطالب بالخدمات والمشاركة في الحكم ليكون المطلب إسقاط النظام. وعزت ذلك لدخول الحركات المسلحة والأحزاب. وقال رئيس المجلس التشريعي بولاية جنوب كردفان “الهادي عثمان” في ندوة التي نظمتها أمانة شباب الحزب الحاكم إن تعدد الحلفاء أدي لاضطراب وجعل القضية ثانوية في ظل أجندة تفاوضية خارج المنطقة، محذراً من ذلك بقولة التحالفات تمثل إخفاقاً صريحاً لقضية المنطقتين، مضيفاً أن ذلك يذوبها في أمواج متلاطمة من التفاوض.
المجهر السياسي
خ.ي