*إذا ما أصيبت دولة جنوب السودان بالزكام في هذا الشتاء، فإن حالة رشح لا محالة ستصيب كل الرفاق في الدولة السودانية، فعلى الأقل هذا ما ظهر على رفيق سوداني على شاشة الجزيرة أُستضيف من لندن.
*ظل الرجل يصرخ كما لو أنه أُصيب بحالة هستيرية فسألته المذيعة، ما الذي سيضير دولتك السودانية؟، قال إن هذه الأحداث ستكون في صالح (نظام الخرطوم)! بئس الطالب والمطلوب، هل مثل هؤلاء يستحقون أن يحملوا جنسية وجواز الدولة السودانية! ليتحدثوا باسمها في المنابر الدولية.
*فيا صباح الخير.. ألا تعلم ان أكبر الخاسرين من عملية فشل الدولة الجنوبية هو دولة السودان بامتياز، على أن الحدود بين الدولتين السودانيين تمتد إلى أكثر من ألفي كيلومتر، فالدولة الجنوبية لم يكن بمقدروها حراسة هذه الحدود، وإذا ما أُضيفت إلى منظومة الدول الفاشلة ستكون أفشل في حجز جموع المواطنين الجوعى من التدفق إلى الجارة السودانية، فليس من مصلحة السودان أن يفشل الإخوة الجنوبيون في إدارة خلافاتهم بالمنطق والرؤية، بل سنخسر كثيراً إذا ما احتكم الجنوبيون إلى فوهة البندقية.
*على الأقل إن هناك الآن أكثر من حركة مسلحة وجبهة ثورية تدير أعمالها التخريبية ضد الدولة السودانية من داخل العمق الجنوبي ومن قارعة الحدود المشتركة، وإذا ما أصبحت الدولة الجنوبية دولة فاشلة ستكون أكبر المتضررين.
*على أن أزمة الرفاق السودانيين في الدولتين هي رهانهم الخاسر في استخدام الدولة الوليدة لقلب نظام الحكم في الخرطوم، على أن تبتدر جوبا عهدها الجديد برد الدين إلى اليسار السوداني الذي ساعد الحركة الشعبية لتحرير السودان في عملية النضال ضد دولتهم السودانية الأم.
كثير من العقلاء كان يرون أن الأولوية يفترض أن تكون للاستقرار والتنمية وتفويض شعب الجنوب سنين الحرب والنزوح والمرض لقد أخذ شعب الجنوب حصصه كاملة من الاحتراب وعدم الاستقرار وآن له أن يتفرغ لبناء دولته الوليدة وصناعة مؤسساتها.
*وثمة شيء آخر كان يرهق كاهل الدولة الوليدة، وهي التشكيل القبلي الهش للدولة والجيش والحكومة، على أن البلد برمتها ترقد على مستودع بارود ينتظر انطلاق بعض الشرر ليشتغل الحريق الكبير.
*بعض النخب الجنوبية كانت ترى الاستمرار في عملية تضخيم العدو الشمالي السوداني حتى تتوحد كل القبائل الجنوبية، إذا ماحدث تقارب بين الدولتين فإن الآلة الحربية الجنوبية ستحصد بعضها بعضاً.
*وليس أدل على ذلك من آخر تصريح للسيد فاقان أموم قبيل اندلاع هذه الأحداث، قال الرجل “إن الرئيس سلفاكير يأخذ تعليماته من الخرطوم”، وهي جملة خبيثة تستهدف اصطياد مجوعة أهداف على أن الخرطوم هي التي تتدخل لصالح طرف دون آخر، وأن الخرطوم هي العدو المشترك الذي يجب أن تتوحد الحركة الشعبية بكل قطاعاتها لمحاربته.
*لا تملك الخرطوم في هذه اللحظة التاريخية إلا أن تكون إلى جانب (الحكومة الشرعية) المعترف بها دولياً وأن تساعدها لتخطي مصاعبها، وهذا ما ظهر من خلال المحادثة الهاتفية التي أجراها السيد السيد الرئيس البشير مع السيد سلفاكير للاطمئنان على الأوضاع هناك.
*على الإخوة الرفاق أن لا يزجوا ببلدهم في أتون تلك (التقلبات القبلية الداخلية)، على أن تتسامى فوق خلافاتنا الفكرية، وأن نضع مصالح الدولة السودانية الأم نصب أعيننا.
*مخرج.. قال أحد الأخوة الجنوبيين قبل الانفصال قال إن الشمال لنا بمثابة مادة الفلين التي توضع بين ألواح الزجاج حتى لا يتطاقش..
*مخرج أخير.. قال فليسوف جنوبي آخر على أيام الدولة الأم.. أردنا لدولة السودان أن تكون طوعاً أفضل دول الأفارقة، فاختارت أن تكون أسوأ العرب..!
*وبعد الانفصال، لا فرق الاستقلال – والحديث لمؤسسة الملاذات – أردنا لدولة الجنوب أن تكون دولة قابلة للحياة في محيطها الأفريقي التي اختارت، وها هي الآن طوعاً تود أن تضاف إلى منظومة الدول الفاشلة في القرن الأفريقي!
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي