لوحظ في الفترة الأخيرة انهماك الشعبي في الحوار الوطني وتمسكه به كحل وخيار لإخراج البلاد من أزماتها، وفي حديث لشيخ حسن حول الانتخابات القادمة أكد أن مخرجات الحوار الوطني من شأنها أن تحدث تغيراً في المستقبل السياسي للبلاد. وقد كان حضور الترابي للقاء الوثبة بمثابة المفاجأة الداوية، وقد فلح المؤتمر الوطني بدوره في تسخير أجهزة الإعلام جميعها لبث الحدث، وتوالت الأحداث لاحقا إذ شكل حضور الترابي للمؤتمر العام للحزب الحاكم محطة جديدة أثارت استفهامات الشعب السوداني. آخر لقاءات الترابى بالإعلاميين كانت أثناء حضور الجلسة الافتتاحية لدورة الانعقاد العاشرة للهيئة التشريعية والقومية للمجلس الوطني التي أشار من خلالها الترابي للإعلاميين باستمرار المؤتمر الشعبي في الانخراط في الحوار الوطني. فيما بدا الترابي مرتاحا ترتسم على وجهه ابتسامته المعهودة وهو يرتدى العباءة الرمادية في دلالة حسبها البعض تعبيراً عن موقف متذبذب ما بين الأبيض والأسود وربما وصفه البعض بأنه الهدوء الذى يسبق العاصفة.
الجدير بالذكر أن هذا الاتفاق الإطاري ما بين الحزب الحاكم والشعبي جاء متناقضا تماما مع مواقفه السابقة إذ ان الترابي اختلف مع حكومة الإنقاذ حول قضايا الشورى والحريات وانتخابات الولاة الأمر الذي جعله المعارض الأشهر لحزب المؤتمر الوطني، وفى السابق اعتقل الترابى مرارا وتكرارا منذ العام 2001 م إبان توقيعه على مذكرة تفاهم مع الحركة الشعبية، وفي 2004 م اتهم بالتنسيق مع عدد من قوى المعارضة لمحاولة قلب السلطة، فالأكيد في الأمر أن الترابى يمتلك ثقلا كبيرا على الساحة السودانية أتت من كونه لعب دورا فعالا في الصحوة الإسلامية وترسيخ قانون الشريعة الإسلامية، ولتقلده مناصب رفيعة فى الدولة، من بينها وزير للعدل فى عهد نميري ووزير للخارجية ووزير للبرلمان في عام 1966م وهو بلا شك خطيب متمكن وسياسيا قوي.
تحدثت الأوساط السياسية عن أن اتفاقاً سريا جدا أبرم بين الأمين العام للشعبي ورئاسة الجمهورية ممهور بتوقيع خطَّ بحبر سري جاء بعيدا عن أعين الإعلام بل وأن قيادات الوطني أنفسهم مغيبون تماماً عن شكل ومضمون هذا الاتفاق، وقد كان تمسك الشعبي بالحوار بل وتطورت الأدوار بحيث أصبح الترابي هو عراب المفاوضات القادمة لإقناع بقية الأحزاب الرافضة للحوار بالانضمام لركب المنضمين هو بدورة خطوة من خطوات الاتفاق. مؤخرا نشط الترابي في محاولات إقناع المهدي بالعدول عن إعلان باريس والرجوع الى كنف البلاد والانضمام إلى الحوار الوطني، وربما يستطيع الترابي في مقبل الأيام تحقيق ذلك.
ربما أراد الترابى أن يجمع الصف الإسلامي وتوحيد الأحزاب، وفي الفترة الحالية برزت الى السطح أزمات متعددة ومتفاقمة عديدة، هذا ما ذهب إليه مدير مركز دراسات الشرق الأوسط محمد حسن الركابي، مؤكداً أن الهم الشاغل للأمين العام للشعبي د. حسن الترابي وعدد من السياسيين المنشغلين بهموم وأعباء البلد هو تحقيق المصلحة العامة للدولة من منطلقات سياسية ووطنية مخلصة لجمع الناس، قد يرمي من ورائها الترابي الى الخير لمواجهة التفرق والحرب. وهنالك تفاؤل بمستقبل الحوار الآن. وفي نقطة أخرى عن سر التناقض ما بين موقف الترابي القديم من الحزب الحاكم وشهدت له الساحات بأنه كان من أشد وأول المعارضين للحكومة وقد اعتقله النظام السائد بناء على مواقفه ومعارضته العلنية للحكومة، أشار الركابي إلى أن تاريخ الحزب الشعبي شهد انقلاباً من التلاميذ على الرئيس مما جعل الترابي يحتفظ بمرارات قديمة تجاوزها الآن بدليل انضمامه للحوار وتفاؤله بما سيفضي إليه هذا الحوار، وها هو الآن يمضي في اتجاهات متعددة من أجل إقناع بقية الأحزاب للحاق بالركب، وتوحيد الإسلاميين بغض النظر عن الموضوعات الانصرافية الأخرى. وليس من المستغرب أن يتمكن فعلياً من استقطاب المهدي للجلوس حول طاولة الحوار مرة أخرى.
تقرير:ابتهال ادريس
صحيفة الإنتباهة
ت.أ