حكايات التسول: الخرطوم مدينة ترفع أكفها كرامة لله

[JUSTIFY]انتشرت ظاهرة التسول في شوارع العاصمة وداخل الأحياء وأصبحت مزعجة للمواطن، المهنة ليست جديدة على مجتمعنا وكل مجتمعات العالم حولنا، لكنها تتفاقمت وتفشت في الآونة الأخيرة بشكل مزعج وصورة ومثيرة للقلق.

فظاهرة التسول أو (الشحدة) لطالما مورست منذ زمن بعيد قرب المساجد وفي الأسواق والشوارع ومواقف المواصلات العامة ومحطات القطارات، والمستشفيات، لكنها لم تبلغ يوماً هذا الحد المذهل والمخيف والمنظم، حتى أن الكل صار يتساءل: هل أصبح التسول مهنة تديرها مجموعات من العصابات؟

(اليوم التالي) حاولت أن تقف على حجم الظاهرة من خلال هذه المساحة التي تحاول الدخول عبرها إلى واحدة من بؤر المجتمع المظلمة، فلعل أسباب مجتمعة ساهمت معاً في تطوير أساليب وزيادة حجم التسول، ما جعل منه ظاهرة تستحق كل هذا الوجل!

خيراً تعمل شراً (تلقى)

ابتدر الحديث محمد أحمد (مهندس طيران) بقصة حدثت له شخصياً، فعندها كان داخل سيارته فإذا بمتسول في حالة يرثى لها يطرق عليه الزجاج ويطلب المساعدة، فأعطاه مبلغاً من المال، ووضع محفظته على الجانب الآخر من المقعد، ولكن لسوء الحظ كان الزجاج مفتوحاً من الطرف الآخر، فأتى (صديق المتسول) وسرقها ثم لاذ بالفرار .

الشرطة حماية المواطن

من جهته علق (علي التاج يوسف) – ضابط شرطة في الدفاع مدني – على الموضوع قائلاً: لا تملك الحراسات والسجون القدرة على إطعام المتسولين لذلك ربما القبض عليهم يزيد من الأعباء والمسؤولياتهم، ومثل هذه الأمور تحتاج لمعالجات اجتماعية. واستدرك: لكنني لا أرى خطراً على المواطن لأن الشرطة ليست مقصرة في حمايته، فهي ترسل دوريات ليلية تطوف على مناطق تجمعات المتسولين للتقليل من عمليات السرقة الليلية.

إيجاد معالجات جذرية

من جهته قال (م ن أ): إن العوامل الكامنة خلف ظاهرة التسول كثيرة ومتشعبة الأسباب ترجع إلى عوامل اقتصادية واجتماعية ونفسية وإلى قناعات الشخص نفسه، هذا غير فشل الدولة في إيجاد معالجات جذرية للاقتصاد المتدهور وحالات العطالة التي تتزايد كل يوم، مما يدفع ضعفاء النفوس إلى اللجوء إلى التسول للبحث عن لقمة العيش .

(شحدة) الأغنياء

ومن أساليب التسول الحديثة والغريبة قصة روتها السيدة (رباب علي الحاج) – ربة منزل – عندما استوقفتها سيارة فارهة ادعى سائقها أنه من بلد آخر، وقد انقطع به الحال لدرجة أنه لا يملك ثمن البنزين، قول إنها خشيت مواجهته حتى لا تتعرض للسرقة ويظهر العجب على ملامحها. وهي تستطرد قائلة: “انعدمت الكرامة حتى الغنيانين بقو بيشحدوا”.

وأبدت الطالبة (منى كمال) حيرتها إزاء إلحاح ولجاجة المتسولين في طلب المساعدة. وأضافت: يأتيك المتسول ممزق الثياب، سيئ المنظر، كأنه يعاني سكرات الموت، لذلك تعطيه أحياناً بنية الصدقة وتارة كي تتخلص من إلحاحه، وختمت مؤكدة بأن الظاهرة في الولايات أقل بكثير مما هي عليه في العاصمة .

اقتراحات وتوصيات

وفي السياق، اقترح المواطن (أبو بكر أحمد) على الدولة حصر وإيداع المتسولين كباراً وصغاراً في دور إيوائية لتقيهم حر الصيف وبرد الشتاء. أما الشباب فيمكن أن ينخرطوا في التعليم وبعض الأعمال بإشراف ومتابعة الدولة وتقديم مساعدات لهم حتى يتسنى لهم خدمة أنفسهم والبلاد معا, أما أصحاب الإعاقة فيمكن أن يُملكوا عدداً من مشاريع الدخل الصغيرة، التي تتناسب مع إعاقتهم وبذلك ستقل نسبة التسول.

أما (عبد اللطيف الفاتح) فاعتبر امتهان التسول فيه مسؤولية أمام الله عز وجل وحساب عسير حال كان الشخص قادرا على الكسب دون الحاجة لسؤال الناس. واستدرك: ما يدفعني لإعطاء المتسولين هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “أعطوا السائل ولو أتاكم من على ظهر فرس” أو كما قال.

صورة مشوهة

وفيما أشار (يزيد عبد الله) إلى أن تكدس المتسولين في الأماكن العامة يعكس صورة غير مشوهة وغير مقبولة، كما أنه يسبب الامتعاض ونوعاً من الحرج، كشفت إحدى المتسولات لا يتجاوز عمرها (12) عاماً، عن أنها ابنة لأسرة ميسورة، وأن والدها سافر في رحلة للتنقيب عن الذهب ووالدتها ربة منزل، لكن تقوم برفقة أخواتها الثلاث وبعد انتهاء دوامهن الدراسي بمباشرة (الشحدة) متفرقات في شوارع العاصمة، وهذا يوفر لهن دخلاً منتظماً .

اليوم التالي
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version