> والرجل يتبرع بمصنع حديث لتعبئة زاد المجاهد.
> بعدها بشهر.. جهة ما.. قطاع خاص.. تحتفل بافتتاح المصنع لتعبئة سلعة مملوكة لأحدهم.
> قبلها.. ثري مسلم يبعث باثنين وعشرين مطحنة دقيق.. تكفي حاجة السودان.
> والمصانع تختفي.
> مثلها.. بعضهم يعود بمشروع للمهن الصغيرة يسد حاجة مليون أسرة.
> والمشروع يرفض.
> والهند تتبنى المشروع هذا ويغطي حاجة الملايين فيها.
> وثري يهبط الخرطوم يعرض مشروعاً لمصانع نسيج.
> والمشروع يرفض.. ونصف مصانع مصر اليوم للنسيج هي ذاتها المشروع هذا.
> وعام 5791 (بن بيلا) رئيس الجزائر الأسبق يكتب في صحيفة الزمان ليقول
: ما الذي يجعل أمريكا تبيع قمحها للسعودية بنصف سعر القمح في أمريكا ذاتها؟!
> قال: حتى لا تتجه السعودية لزراعة القمح في السودان.
> وزراعة القمح في السودان التي تطلق نجاحاً مذهلاً في التسعينيات تسجل سقوطاً مذهلاً بعد عامين فقط.
> والدولة تعلن الشهر الأسبق هروب ملايين الدولارات للاستثمار في إثيوبيا.
> وقصة النفط مثلها.
> وقصة الذهب الآن.
> وقصة تهريب كل شيء ما بين الجلود حتى الذهب.. حتى الصمغ.. حتى الماشية… حتى… حتى…
(2)
> والسودان يذهب إلى بيوت النمل منتصف الثمانين بحثاً عن الذرة.
> والحركة الإسلامية تنقذ السودان.
> بعدها الحركة الإسلامية تنشق.
> بعدها الحركة الإسلامية تستبدل القيادات بشخصيات غريبة في عجزها.
> الآن الحركة الإسلامية تتخلى عن اسمها وتبحث عن اسم جديد.
> ما الذي يحدث؟!
(3)
> بطل رواية لكافكا يستيقظ من نومه ليجد أنه قد تحول إلى حشرة ضخمة.
> وفي أخرى الرجل السجين لا يدري من يسجنه.
> ولا يدري بأي شيء هو متهم.
> وعليه أن يقدم أجوبة لأسئلة لم توجه إليه.
> وكلما أجاب بشيء عوقب لأن الإجابة خطأ.
> والسجين يخرج ويجد أنه لا وجود لسجان ولا حارس.
> وأنه كان يوجه العقوبة على نفسه.
> نهاية…؟!
> لا.. فالسجين يعود إلى السجن في ذعر لأنه لا يضمن أن يكون اختفاء السجن والسجان خدعة لإنزال المزيد من العقوبات عليه.
> تشكيل نفوس وعقل (كل) العالم العربي اليوم شيء يشبه هذا.
(4)
> والقبائل المقتتلة.. والتمرد ـ كلهم ـ هل يستطيع هدم الدولة؟!
> نعم.
> هل يستطيع بناء الدولة؟!
> لا.
> هل تعلم هي ذلك؟!
> نعم.
> ومن يضع في يدها السلاح والمال.. هل تعلم أنه عدوها؟!
> نعم.
> إذن!!.
(5)
> هذا الذي نعرفه نحن وتعرفه أنت.. ألا يعرفه زعماء القبائل؟!
> يعرفونه.
: لماذا لا ينقذون أنفسهم إذن؟!
> لأن الشبكة صممت بحيث تجعل الهروب منها مستحيلاً.
> لكنهم هربوا منها أول أيام الإنقاذ.
> نعم.. لأن من كان يقود النفوس يومئذ هو الإسلام.. والحركة الإسلامية.
> والآن؟!
> الآن.. بعد أن تخلت الحركة الإسلامية عن كل شيء.. تتخلى عن اسمها وتبحث عن اسم جديد.
(6)
> وليس صراخاً.. بل سؤال حقيقي هو
: ما الذي يجعل المخلصين.. المخلصين حقاً.. يفكرون اليوم بالأسلوب هذا.
> في السودان.. وفي العالم الإسلامي كله.
> التفكير بأسلوب سجين كافكا.
***
> والعربات (051) التي نحدث قبل أسبوعين بخروجها من جوبا إلى عقار تتخذ أمس وضعاً قتالياً.. وتنطلق من الأزرق في اتجاه خور الدليب للهجوم.
> ألف هجوم.. وآلاف العربات وآلاف القتلى.. من أجل أن يبقى عرمان.
> العقول الآن هي هذه هناك.. والعقول الأخرى.. هي هذه هنا.
> وهذا هو العالم اليوم.
إسحق أحمد فضل الله
صحيفة الإنتباهة
ت.أ