الشباب يسيطرون على المناصب.. تفاصيل عملية التغيير داخل كابينة المؤتمر الوطني

كان كل شيء ليل السبت، غريب داخل حزب المركز العام للمؤتمر الوطني؛ الذي بدأ أولى خطوات تنفيذ وثيقة الإصلاح الحزبي، وأجرى عملية انتقال القيادة لجيل جديد. عدد من شباب الحزب تقاطروا يوم أمس للمركز العام، وعلى وجوههم علامات البهجة والسرور، وهم يرون ثمن مدافعاتهم ومرافعاتهم الضاغطة لأجل إتمام عملية الإصلاح الحزبي والتغيير القيادي. ولعل صورة شباب الحزب أمس، لا تقل بهجة عن وجوه الشيوخ وقيادات الحزب، الذين خرجوا بكامل عنفوانهم المعنوي، وقد تجسدت كل تلك اللحظات في ابتسامة عريضة رسمها القيادي نافع علي نافع حتى بانت نواجذه وهو يغادر مقر الحزب.

صورة عن قرب
أكمل المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الجديد أولى جلساته الإجرائية يوم أمس. واختار رئيس الحزب ورئيس الجمهورية المشير عمر البشير في الاجتماع الذي ترأسه أمس بالمركز العام للحزب؛ اختار كلاً من بروفيسور إبراهيم غندور نائباً لرئيس الحزب للشؤون السياسية والتنظيمية، فيما اختار النائب الأول للرئيس الفريق أول ركن/ بكري حسن صالح نائباً لرئيس الحزب للشؤون التنفيذية. إلى ذلك اعتمد المكتب القيادي استكمال (12) قيادياً من الشباب واحتفظ بثلاث “خانات”. وفي الوقت الذي أحدث فيه المؤتمر الوطني انقلاباً داخلياً كبيراً، بتسليم كافة أمانات الحزب ومعظم قطاعاته الرئيسية لجيل جديد من شباب وشابات الحزب؛ خلت قوائم الاستكمال وأمناء الأمانات ورؤساء القطاعات ونوابهم من الأسماء التي ارتبطت بإثارة الجدل، بجانب أسماء أخرى كانت صاحبة نصيب كبير من الأزمات الداخلية للحزب، في الوقت الذي غابت فيه رموز تاريخية كبيرة استجابت لضوابط وثيقة الإصلاح. ولعل أبرز ما في تكوين المؤتمر الوطني أن الشخصيات التي ولجت إلى مؤسساته الاتحادية تمثل أجيالاً متقاربة عملت مع بعضها لفترات طويلة، وهو ما أعطى التكوينات الحزبية الجديدة طابع التوافق والتلاقي بين كل مكوناته، بجانب أن الأسماء لم يُعرف عنها التكتل وصراعات “الوكالة” وأساليب العمل الباطني.
إلى ذلك، وضع نائب رئيس الحزب إبراهيم غندور، أمام وسائل الإعلام ثلاثة أهداف قال إنها من أولويات المكتب القيادي الجديد للحزب، وعلى رأسها “استكمال السلام، تحسين معاش الناس، واستكمال عملية الوفاق عبر عملية الحوار الوطني الشامل”.
قائمة الاستكمال
استكمل المكتب القيادي للمؤتمر الوطني عضوية مكتبه، بجانب تكوينه لقطاعاته الوظيفية وأماناته المتخصصة. وغابت عن قائمة الاستكمال أسماء لامعة مثل د.أمين حسن عمر، وقطبي المهدي محمد، والشريف أحمد عمر بدر، بجانب قيادات تاريخية بارزة مثل بروفيسور إبراهيم أحمد عمر ود.عبد الرحيم علي. وشملت قائمة استكمال عضوية المكتب القيادي: عبد الواحد يوسف، أوشيك محمد أحمد، معتز موسى، جهاد حمزة، كامل مصطفى، جمال محمود، مأمون حسن، صلاح ونسي، بدرية سليمان، تهاني عبد الله، بلة يوسف.
القطاعات.. إحلال وإبدال
أهمُّ ما جرى من تغيير على مستوى القطاعات تمثّل في خروج د.صابر محمد الحسن من رئاسة القطاع الاقتصادي، الذي تولاه نائب رئيس الجمهورية د.حسبو محمد عبد الرحمن، وهو الرجل الذي يشرف على العمل الاقتصادي بالدولة؛ لكن مصادر حزبية واسعة الاطلاع كشفت لـ(السوداني) أن حسبو سيضطلع بمهمتين رئيسيَّتين، أولاهما التنفيذ الصارم للبرنامج الاقتصادي الخماسي المقبل بعد شكاوى الفريق الاقتصادي من ضعف تطبيق البرنامج فيما يلي أجهزة الدولة من مراجعة وتخفيض للإنفاق. وقالت المصادر إن المهمة الثانية تتمثل في مراجعة المؤسسات الاقتصادية وتصفية مراكز القوى الاقتصادية.
وعلى مستوى قطاع الفكر والثقافة، خرج منه د.أمين حسن عمر، الذي بات خارج الكابينة القيادية للحزب؛ وحلت مكانه أمينة المرأة السابقة د.انتصار أبو ناجمة. أما قطاع التنظيم فقد غادره رئيسه حامد صديق، وحلَّ مكانه أمين أمانة دارفور السابق بالقطاع عبد الواحد يوسف، والذي يشغل في ذات الوقت منصب وزير الطرق والجسور. وعلى مستوى قطاع العلاقات الخارجية فقد غادره حسبو محمد عبد الرحمن وحلَّ مكانه د.مصطفى عثمان إسماعيل رئيساً للقطاع، فيما غادرت سامية أحمد محمد رئاسة القطاع الفئوي الذي أُسند لنائبها السابق جمال محمود الذي عمل في وقت سابق أميناً لأمانة الطلاب بالمؤتمر الوطني، بجانب أنه ما يزال وزيراً للدولة برئاسة مجلس الوزراء. أما قطاع العلاقات الخارجية، فقد غادر رئيسه الدرديري محمد أحمد، حيث أُسند لصلاح ونسي محمد خير الذي عمل في الحكومة السابقة وزيراً للدولة بالخارجية، بجانب عمله في الحكومة الحالية كوزير لرئاسة الجمهورية. ويلاحظ أن أربعة أسماء على الأقل من رؤساء القطاعات يشغلون مواقع تنفيذية رفيعة بالحكومة، بجانب أن بعضهم دخل إلى المكتب القيادي ضمن قوائم الاستكمال. وكان نائب رئيس الحزب بروفيسور إبراهيم غندور قال في تصريحات صحفية، ليلة أمس، إن المكتب القيادي كان من المقرر أن يقوم باستكمال (11) رجلاً، لكنه استكمل (9) وتبقى اسمان شاغران، وأبان أن من المقرر أيضاً استكمال (4) نساء، لكنه قام باستكمال (3) نساء، وترك اسماً واحداً شاغراً، ولفت إلى أن المكتب القيادي سيقوم بعملية استكمال هذه الأسماء لاحقاً.
أمانات القطاعات.. تغييرات واسعة ووجوه جديدة
وعلى مستوى أمانات القطاعات، أجرى حزب المؤتمر الوطني تغييرات كبيرة، حيث تم استكمال المكتب القيادي على مستوى القطاع الاقتصادي وزير المالية د.بدر الدين محمود، حيث عُيِّن أميناً للأمانة الاقتصادية خلفاً لـد.حسن أحمد طه الذي عُيِّن نائباً لرئيس القطاع؛ أما أمانة أصحاب العمل فقد أُسندت ليوسف أحمد يوسف، وأمانة الزرّاع والرعاة للتيجاني السكوري؛ وأمانة المشروعات الاقتصادية لـد.هادية مبارك المجذوب. وعلى مستوى قطاع العلاقات الخارجية، أُبقي على أمين أمانة الشؤون البرلمانية مهدي إبراهيم في موقعه، واحتفظ أمين الإعلام ياسر يوسف إبراهيم بموقعه أيضاً، والأمانة العدلية احتفظ بها الفاضل حاج سليمان. أما أمانة العلاقات السياسية، فقد أسندت لحامد محمد نور ممتاز. أما أمانات قطاع العلاقات الخارجية، فقد شهدت تغييراً ملحوظاً، حيث أُسندت أمانة الدول الأفريقية لدكتور الصادق محمد علي حسب الرسول؛ فيما آلت الأمانة العربية لكمال حسن علي، والأمانة الآسيوية لـد.تقوى أحمد موسى. واحتفظ أسامة فيصل بموقعه أميناً للأمانة الأوروبية، وأمانة العاملين بالخارج كانت لـد.حسين حمدي. وعلى مستوى أمانات القطاع التنظيمي فقد شهد تغييرات جذرية على مستوى المشرفين حيث أُسند قطاع ولاية الخرطوم لكامل مصطفى الذي يشغل في ذات الوقت نائب رئيس المؤتمر الوطني بالعاصمة، بجانب استكماله ضمن عضوية المكتب القيادي للحزب بالخرطوم، فيما غادر الحاج عطا المنان إدريس إشرافية قطاع الولايات الوسطى، وحلَّ مكانه صلاح علي، وقطاع كردفان الكبرى والنيل الأبيض آلَ لد.فضل عبد الله فضل، والقطاع الشرقي لعبد الله محمد علي، وقطاع الشمال لبروفيسور خميس كجو كندة. وعلى مستوى أمانات قطاع التنظيم، فتولَّى المهندس عماد الدين حسين أمانة الإحصاء والمعلومات، وحسن النور أمانة التعبئة السياسية، وعفاف أحمد عبد الرحمن فتولّت الإدارة الأكاديمية الوطنية للتدريب، وهي أكاديمية حديثة معنية بالتدريب السياسي والتنظيمي لعضوية وقيادات المؤتمر الوطني. أما أمانة العمل الطوعي فقد تم دمجها مرة أخرى مع أمانة المنظمات التي آلت لوزير المعادن السابق كمال عبد اللطيف؛ فيما أُسندت أمانة التعليم لبروفيسور فيصل عبد الله الحاج؛ وأمانة الشؤون الاجتماعية لـد. مها عبد العال؛ وأمانة تزكية المجتمع لـد.عثمان البشير الكباشي؛ وأمانة الشباب آلت لوزير الشباب والرياضة بولاية الخرطوم بلة يوسف؛ حيث ذكر نائب رئيس المؤتمر الوطني بروفيسور إبراهيم غندور أمس، أن بلة يوسف سينتقل لأمانة الشباب الاتحادية بالتفرغ الكامل. وبلة يوسف شغل من قبل رئاسة الاتحاد الوطني للشباب السوداني في الدورة المنصرمة, وصعد إلى المكتب القيادي بالاستكمال الذي دخل بموجبه إلى عضوية قيادي الوطني أيضاً أمين الطلاب مأمون حسن الذي أبقي عليه في موقعه.
انتهت بالأمس عملية التغيير والتعاقب الدوري للقيادات على مستوى حزب المؤتمر الوطني، وتبقّى الكثير من وثيقة الإصلاح، لا سيما على مستوى السياسات والبرامج، علاوةً على الإصلاح على مستوى الدولة؛ فهل سيمضي المكتب القيادي الجديد قُدماً في إنفاذ وثيقة الإصلاح الشامل التي أقرَّتها اللجنة التي كُوِّنت العام الماضي من نخبة قياداته الرفيعة؟ أم أن التبدلات السياسية والتحديات الماثلة ستعصف بوثيقة الإصلاح وتفت من عزم القيادات الجديدة على مواصلة المسير؟.

الخرطوم: عبد الباسط إدريس-السوداني

Exit mobile version