سألت أمس أكثر من عالم عما يسمى فقه السترة .. فكان النفي منهم جميعاً بألا وجود في الفقه بهذه الصورة.. واتفقوا جميعاً بأن الستر المطلوب للمسلم هو ذلك الذي يقترب من المناصحة وفي فعل وإثم لا يتعدى أثره على الآخرين وبالتحديد مسائل الاعتداء على المال العام، والرشاوى واستغلال النفوذ والدخول في معاملات خاطئة مع آخرين وهلم جرا.
أما السترة في مسائل العام فهنالك الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد أتوا إليه بسارق فرفض توسلاته قائلاً له: ما كان الله ليفضحك من أول مرة مما يعني أن الله قد سترك قبلاً. وكان رد المصطفى عليه الصلاة والسلام على من طلب منه الستر على حاله وصلته بالقول أما كان عليكم ستره قبل أن يعرض علي. وهذا درس بأنه لا ستر بعد أن تفوح الرائحة وتظهر آثار الجريمة.. أو حتى ظهور بعض المعلومات والشائعات فإن على ولي الأمر التعامل مع كل حالة بما تستحق، إما إدانة ومحاكمة ورد ما اغتصب وإما براءة وإغلاق الملف.
كتبنا وكتب غيرنا وامتلأت المواقع بمعلومات الفساد والإفساد والرشروى واستغلال النفوذ والدخول في معاملات فاشلة.. ولم نسمع أن يد القانون قد طالت أحداً.. كما نسمع بالسكوت وتحويل الشخص الواقع تحت دائرة الاتهام وحتى الشائعة إلى داره أو الى موقع آخر.. وبذلك تزيد حملة استشراء الفساد وحماية المفسدين.
المتابع لجلسات المجلس الوطني وأعضائه الكرام يتحدثون بهذه اللهجة يحس أن صوت الحق موجود، وأن الأسلوب الذي يتبعه المجلس مؤخراً في فتح أبواب القصور بل حتى في القيام بزيارات وعقد اجتماعات من خلال دوره الرقابي، كل هذا يحسب لصالح النظام على شريطة ألا تكون كل هذه الخطوات خطباً داخل المجلس وزيارات واجتماعات تنتهي بانتهاء مراسمها.
بالعودة لما بدأنا حول ما يسمى فقه السترة.. والذي لم يكن له وجود، واتفق العلماء بعدم وجوده شرعاً، ولكن يبدو أنه من كثرة استخدام هذا التعبير »فقه السترة« كان من أحد أسلحة المعارضين للنظام التي استخدموها في حربهم وقد نجحوا بنسبة كبيرة في هذا أكثر مما نجح النظام في التصدي لاتهامات وحتى شائعات الفساد.. بل «زاد طين بلة» منع الصحف من نشر الوثائق.. وبهذا تظل دائرة الاتهام بالفساد والثراء الحرام تعيش في أرض خصبة وتظل خط الهجوم الأساس على النظام.
صحيفة الانتباهة
كمال حامد
ت.إ[/JUSTIFY]