د. عارف عوض الركابي: الإفحام والإلجام للدَّاعين لترك العمل بسنة خير الأنام

[JUSTIFY]عجباً لكثرة الناعقين بأن السنة النبوية يستغنى عنها، وأنه يكتفى بالعمل في التشريع بالقرآن الكريم!! وعجبي من جرأتهم لنشر جهالاتهم كيف لا؟! والنشر عبر مواقع التواصل والمنتديات أتاح لهذه الأصوات النشاز أن تنشر في الآفاق!! وعجبي من سكوتهم لمّا يفحم الواحد منهم بأن يقال له: وكيف تعمل بالقرآن وحده في الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها؟!
ما أسهل أن يتم إفحام وإلجام هؤلاء.. ومن هذا الباب أدلي ببيان واضح لمسألة من المسائل المهمة في باب زكاة الحبوب والثمار، فقد وردت آيات مجملة من الذكر الحكيم في أداء زكاة الحبوب والثمار، ثم جاءت السنة النبوية وهي وحي الله تعالى وفصّلت فيها وبينت المجمل الوارد في ذلك.
قال الله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ».
وقال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ».
فإخراج الزكاة من الخارج من الأرض من الثمار ورد مجملاً في هاتين الآيتين، لم يتضح بهما النوع والنصاب ومقدار ما يخرج، وورد بيان ذلك في السنة النبوية التي هي صنو القرآن الكريم وهي وحي الله تعالى، ومما ورد في ذلك:
1/ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ.. متفق عليه.
وفي هذا الحديث بيان السنة لما أجمل في القرآن الكريم، حيث لم يحدد النصاب للخارج من الأرض، فبين الحديث أن النصاب في زكاة الحبوب والثمار أن تبلغ خمسة أوسق ومجموعها ثلاثمائة صاع، وهو ما يساوي «3.265» كيلوغرام.
2/ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ».. رواه البخاري.
والحديث بيَّن فيه النبي عليه الصلاة والسلام المقدار الذي يخرج في الزكاة من الخارج من الأرض بعد بلوغه النصاب وفرّق عليه الصلاة والسلام في المقدار الواجب بين ما يسقى بمؤونة وما لم يسق بمؤونة.
قال ابن بطال المالكي في شرحه لصحيح البخاري: «قال أبو عبيد: العثرى والعذى ما سقته السماء، وما سقته الأنهار والعيون فهو سيح وغيل، والبعل: ما شرب بعروقه من الأرض من غير سقى سماء ولا غيرها، والنضح ما سقى بالسواقى، وقال غيره: وأجمع العلماء على القول بظاهر هذا الحديث فى المقدار المأخوذ، وذلك العشر في البعل وفيما سقت العيون والأنهار، لأن المؤونة فيه قليلة، وما سقي بالدلو فنصف العشر فى الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة».
3/ قال عليه الصلاة والسلام: «ليس في الخضروات صدقة».. رواه الترمذي والطبراني وصححه الألباني، فالخضروات لا توسق ولا يفيد منها من إذا أعطيت له لأنه لا يمكن حفظها، فبيّن النبي عليه الصلاة والسلام أنه لا زكاة فيها، قال الترمذي: «والعمل على هذا عند أهل العلم: أن ليس في الخضروات صدقة».
وقال الخطابي: «وقد يستدل بهذا الحديث «أي حديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» من يرى أن الصدقة لا تجب في شيء من الخضراوات لأنه زعم أنها لا توسق، ودليل الخبر أن الزكاة إنما تجب في ما يوسق ويكال من الحبوب والثمار دون ما لا يكال من الفواكه والخضر ونحوها وعليه عامة أهل العلم».
ويقال مثل ذلك في بيان السنة لمجمل القرآن الكريم في زكاة بهيمة الأنعام وزكاة النقدين وعروض التجارة وغيرها، وإذا تبين ذلك تأكّد أن من يدعو لترك العمل بالسنة النبوية إنما هو يريد الخروج من الدين لكن لا يجرؤ على ذلك .

صحيفة الانتباهة

[/JUSTIFY]
Exit mobile version