حينها نال الصادق سخط المعارضة لتوقيعه اتفاقاً مع سلطة انقلبت على الشرعية دون النظر في حيثيات الاتفاق والذي تكاد تخلو ادبيات المعارضة من اي نقد له لان المعارضة كانت وقتها تراء ان مجرد وضع الصادق ليده في يد السلطة كافياً لتجريمه . وتشهد الاحداث اللاحقة بان المعارضة لم تكن متسقة في اقوالها في هذا المضمار ، نظراً لان فصائل منها قد وقعت اتفاقيات مع السلطة وتم تسليط الضوء على تفاصيلها باعتبار ان الاتفاق على المبادي والذي اعابوه على الصادق يبدو مع الاخرين ان لاغبار عليه ، لكن المشكلة او الشيطان يكمن في التفاصيل، فانظر الى اختلال المعايير ، مع ان السلطة لم تتغير حقيقة كونها قد انقلبت على الشرعية بين عشية وضحاها ، لكن عين الرضاء عن كل عيب كليلة كما ان عين السخط تبدي المساوئ او كما قيل ، مما يشير الى ان فصائل المعارضة التي تحدر للصادق حتى في ظلام الشمولية ولاتتخير الاوقات التي تختلف معه فيها مسكونة بكجنة قديمة للرجل تكاد تفقد البعض موضوعيته واتساقه مع ذاته على اقل تقدير .
في ذلك الحين كان السيد محمد عثمان قد تقدم الصفوف في التصدي للمهدي وبخطوت ثابتة وجدت المساندة من اليسار والحركة الشعبية والشخصيات الوطنية في التجمع الوطني الديمقراطي ، وقد قوبلت سخريته من شعار الانصار المالوف البلد بلدنا ونحن اسيادا بعاصفة من التصفيق والضحك في اول اجتماع لقيادة التجمع بعد رحيل المهدي ، ومصدر الانبساط الذي ساد اجواء المعارضة بعد خلو منصب الامين العام وذهاب القائد الانصاري صعب المراس مبارك الفاضل كان من الممكن ان يكون مفهوماً لوكانت المفاصلة قد حدثت في الخرطوم وفي اجواء غير التي كانت سائدة ،ولارجعناها لسباق الرؤى وحملنا المسولية فيها لتوجهات الصادق اليمينية القريبة من توجهات السلطة ، طبعاً هذا بافتراض ان توجهات السيد محمد عثمان يسارية وبعيدة عن السلطة الشيئ الذي لاتدعمه شواهد موضوعية او ذاتية ، لكن ان يحدث ذلك الانسجام وتسود تلك الحالة من الفرحة اوساط المعارضة في وقت كانت فيها هي نفسها مستضافة ومدعومة فان الامر يجب ان يحمل على محمل اخر ، وهو ان الصادق يستند في معارضته للسلطة على تقديراته الذاتية ولن يرضى ان يكون صدى لاجندة اقليمية او دولية مما يجعل منه خميرة عكننة يعني بالبلدي لايصلح لحياة الغربة .
وصل المهدي الخرطوم وسط انقسام بين انصاره حول الموقف من السلطة في وقت كان قفاه يحمر عيش من اثر لعنات المعارضة التي ودعته على مشارف تسني وركائبه الشريفة تمضي بعيداً عن حالمات الديار ، وعلى الرغم من ان الرجل قد ذهب الى منزله بالملازمين ولم ينزل في ضيافة السلطة كما فعل غيره حين وقعوا معها اتفاقيات بسقوف ادنى ولم يعرهم احد او يقول لهم عينكم في راسكم الا ان المعارضة قد وصفته بانه قد ارتمى في احضان النظام .
في هذا الوقت الذي كان المهدي يتلقى فيه صفعات المعارضة لم تنبري الاقلام المحسوبة على النظام للدفاع عنه وتركته يواجه مصيره لوحده وفي حسادة يحسدون عليها ، لسبب بسيط ، هو ان المهدي رغم اتفاقه مع الحكومة على ضرورة الحوار نهجاً لحل الازمة السياسية واعتماد الطرق السلمية في التدافع السياسي ، الا انه قد احتفظ لنفسه بمسافة معقولة تتمايز بها صفوفه عن صفوف السلطة ، وهو موقف توهط به في قلب المعارضة بتوضيحاته الني يبغضها البعض ربما لانها تخصه.
الآن انقلبت الموازين فاقترب المهدي من الحد الاقصى من اجندة المعارضة وبالطبع دون ان ينسى توضيحاته والبعد والمسافة اللائي يتمايز بهما دائماً عن غيره حتى وان اقترب منه ، وهذا موقف كان هو يعلم قبل غيره انه سوف يجلب عليه سخط الحكومة والتي أراد ان يقول لها انه من المستحيل ان يمضي لها او لغيرها شيكاً على بياض وكان من الطبيعي تبعاً لذلك ان تنبري له اقلام بعينها, لكن من المستغرب ان لايدافع عنه الذين اقترب منهم ، وبذات الحسادة التي يحسدون عليها .في حين ان السيد محمد عثمان لم يتصدى له احد في الحكومة او المعارضة حين اقترب من الحركة الشعبية وحين اقترب من الحكومة ، مع انه تبادل ذات المواقف مع الصادق المهدي لكن شقي الحال يقع في القيد
صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]