د. حسن التجاني : حليل سودانير وزمنها الجميل!!

[JUSTIFY]٭ كلما أشاهد طائرة تحلق في سماء الخرطوم تحمل شعار أية دولة… يعتصر قلبي حزناً على ناقلنا الوطني… الخطوط الجوية السودانية.
٭ لا تتخيلوا ما وصل إليه حال سودانير من انحطاط وتدهور وغياب وخروج من سوق الطيران الإقليمي والدولي.
٭ سودانير التي كانت مضرب المثل في الأناقة والجمال وضبط الزمن.. صارت محل سخرية ومن من… من المصريين الذين يتهكمون عليها ويطلقون عليها سخريةً «ست الكل» «تجي على كيفها وتسافر على كيفها» ونحن الذين عرفنا الطيران وبرع طيارونا فيه براعة وخبرة وجودة… وصرنا مضرب الأمثال في فن الطيران من حيث شطارة الطيارين وحسن الإدارة.
٭ غالبية الذين عملوا في إدارة سودانير كانوا «فطاحلة» في فن الإدارة، ومثال واحد فقط كان شخص يدعى عبد الباقي محمد يعمل مديراً عاماً لسودانير… ويقولون إن هذا الرجل كان يضع «غطاء رأسه ــ كابه» على تربيزة مكتبه ويكون هو بنفسه في مدني.. لكن كل شخص في سودانير يعمل في لحظة وجود «كابه» كعقارب الساعة… دون أن يكون هو موجوداً… وهذا فن من فنون العمل الإداري حيث يقولون إن الإدارة «علم وفن».

٭ وكانت لسودانير محبة خاصة في نفوس السودانيين، وهم على متنها دائماً يسافرون، وكنا نحب ونحن صغر سودانير بشعارها الجميل الذي تميزت به وسط شركات الطيران العالمية… حتى أن كثيراً من هذه الشركات كانت تلهث وراء هذا الشعار المتميز.. وبالفعل تم بيعه في عهد الرئيس الأسبق جعفر نيمري إلا أنه تمت إعادته بحمد الله مرة أخرى.. ولكن للأسف دون جدوى، فقد ظل جاثماً على أرض المطارات وعلى أراضٍ أخرى… حيث يبعت طائراتها بهذا الشعار.
٭ وعندها كانت سودانير تحلق في سموات مدينة حلفا حينها… تخيلوا أن سودانير كانت تهبط حتى في مطار حلفا الترابي بطائرات الفوكرز، وكان يدير مكتبها هناك الأستاذ علي بدري ماهر، وهو من الرعيل الوسط في سودانير، وحين كنا نشاهد على بدري هذا وأكتافه محلاة بالشرائط الصفراء الذهبية ذات القاعدة السوداء والقميص الأبيض والبنطلون الأسود، كنا نشعر بالفرحة. وعندما نعلم بأن سودانير اليوم لها سفرية نتمنى أن نذهب للمطار لنشاهد المضيفين والكباتن، وكيف تهبط سودانير وكيف تقلع… وكان علي بدري ماهر مشهوراً وسط مواطني مدينة حلفا الجديدة، ومعروف بأنه مدير سودانير، وكذلك كل الجهات المساعدة لهبوط الطائرة هناك، منهم حسين البصيلي شرطي الدفاع المدني، وكانت سودانير تأتي لمدينة حلفا مرتين في الأسبوع تارة سفرية مباشرة «خرطوم ــ حلفا» وبالعكس، وأخرى تأتي عبر كسلا.

٭ ولن تنتهي في مخيلتنا يوماً ما سيرة سودانير الجميلة… لكن هذه الأجيال لا تعرف عن سودانير شيئاً فقد بيعت خطوطها وذهب مسؤولوها بعيداً عنها وتركها موظفوها وهاجروا لغيرها.
٭ الآن اختفت سيرة سودانير بعد أن كانت تجلجل في مطار الخرطوم.. سودانير لندن.. سودانير القاهرة.. سودانير روما وهكذا الآن أفل نجمها… حليل سودانير وحليل زمنها الجميل في السودان.
٭ لا بد من إرجاع سودانير لسيرتها الأولى كما أعيدت الزراعة بالمشروعات الزراعية لرونقها وجمالها وكثرة حصادها.. فهل بالإمكان إعادة سودانير… صدقوني لن يُضام السودان لو عادت مع الزراعة سودانير.

صحيفة الإنتباهة
ت.أ

[/JUSTIFY]
Exit mobile version