خالد حسن كسلا : مشروع الجزيرة «أبا الهول طال عليك العصرُ»

[JUSTIFY]إذا كان ما يسمى «حراك» أبناء ولاية الجزيرة للتغيير والتنمية يحذر من استغلال «المعارضة» لقضية مشروع الجزيرة، فلماذا يستعجل اتهام اتحاد مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل باستخدام أصول المشروع واستغلالها في إنشاء شركات خاصة قبل أن يكلف نفسه بالجلوس إليه للاستيضاح والاستيثاق حتى لا يصيب قوماً بجهالة ويصبح على ما فعل نادماً؟!
ورئيس اللجنة التمهيدية لهذا الحراك المهندس عمر يوسف محمد الأمين يقول إنهم يمتلكون المستندات بالتجاوزات بالأسماء والأرقام والتوقيعات.
لكن مثل هذه المستندات قد تكون إجراءات إدارية عادية تكفلها اللوائح الرسمية مثلاً.. والدولة نفسها لها مؤسسة قومية معنية بالخصخصة والتصرف في الممتلكات العامة، وليس بالضرورة أن تخطر قبل أية خطوة أي جسم متطوع لعمل ما.
ثم إن الخبر الذي نشر في بعض الصحف ويتحدث عن هذه المستندات لم تنشر معه صور منها حتى يوضع القارئ قريباً من الحقيقة حول هذا الأمر.

ثم إن اتحاد المزارعين يبقى نقابة وبالتالي هي الأحرص من غيرها على حقوق المزارعين والمواطنين وممتلكاتهم العامة.
لست هنا بصدد الدفاع عن هذه النقابة التي ينضوي في عضويتها مزارعو الجزيرة والمناقل.. لكن تجاوز حراك أبناء ولاية الجزيرة للتغيير والتنمية لمرحلة الجلوس مع الاتحاد ونقل ردودهم وتعليقاتهم وآفاقها بهذا الاتهام، هو الذي جعل في نظري انتقاص الإفادة.
فهل يريد «الحراك» أن يستنفر الصحافة، لتزيد ما عليها من أعباء بالسعي للاستقصاء في الأمر؟!
بالطبع لا يمكن إفادة القراء بالاكتفاء بإفادات جانب واحد دون الآخر. ولذلك كان الأفضل والأحرى بهذا «الحراك» ما دام همه هو التغيير والتنمية وعدم استغلال «المعارضة» لقضية مشروع الجزيرة، أن يقصر طريق «الإفادة» للقراء، ويجلس مع «النقابة» آنفة الذكر، وتحت شعار «حتى لا تستغل المعارضة قضية المشروع» كما يقول يطلب من النقابة أن تفيده بالمعلومات المبرئة للذمة. فهل هذا حدث؟! أم أن الصحافة ستكون في حاجة للاتصال بكل الأطراف وطلب صور من المستندات التي يقول «الحراك» إنها بطرفه. ان الحراك نفهم منه ماذا يريد بكلمة «التنمية» ولعله يقصد التنمية الريفية، وهذا هو الهم الأكبر لصاحب هذا العمود، لأن من خلالها تذوب كل مشكلات الصراعات والعطالة وافراغ القرى والمدن الصغيرة من أهلها والانفجار السكاني في مدن عاصمة البلاد، لإجبار الحكومة على صرف ميزانيات الدولة المفترض أن تكون للتنمية للمشروعات الخدمية لمقابلة متطلبات المزيد من المهاجرين من مناطقهم.. لكن ما المقصود بكلمة «التغيير»؟! واذا كنا نتحدث عن التنمية باعتبارها التغيير الاقتصادي والمعيشي الاسمى فما الداعي إلى أي تغيير آخر؟!

لكن لنفهم الحقيقة المرة هنا، وهي أن مشروع الجزيرة يبقى تصميماً اقتصادياً في وقت من الأوقات لغرض يخص الاحتلال البريطاني للبلاد آنذاك. وعام 1956م عام الاستقلال اذا كانت البلاد تعتمد على هذا المشروع باعتباره الدعامة الاقتصادية الكبرى في البلاد. لكن كم كان عدد السكان عام 1956م، وكم عددهم في آخر نتائج إحصاء سكاني؟! أما انفصال جنوب السودان فهو لا يؤثر في تعديل رقم الإحصاء لصالح الشمال، فقد ذهب الجنوب بعائدات نفطية ضخمة، وقبل الانفصال كان الجنوب خارج دائرة الاستفادة من انتاج مشروع الجزيرة، وحتى أيام الاحتلال البريطاني لم تفده بإنتاجه بصورة كبيرة سلطات الاحتلال.
إن مشروع الجزيرة انطبق عليه قول أمير الشعراء كما يلقب هناك «أحمد شوقي» وهو يخاطب بموسيقى شعرية تمثال «أبو الهول» في مصر الذي أصبح واحداً من المشاهد السياحية:
أبا الهول طال عليك العصرُ ** وبلغت في الأرض أقصى العمرُ
٭٭٭
أبا الهول ماذا وراء البقاء ** إذا ما تطاول غد الضجرُ
فإن الحيات تفل الحديد ** إذا ما لبسته وتبلى الحجرُ

صحيفة الإنتباهة
ت.أ

[/JUSTIFY]
Exit mobile version