الفاصل بين آخر تصريح لنافع وأول تصريح لخلفه غندور في وصف المعارضة تمام الأسبوع لا أكثر، نافع في المتمة الأسبوع الماضي يصف المعارضة بالضعف والوهن، بل إنه لا مكان لها وسط الشعب السوداني، أما غندور فلا يجد حرجا وهو يمدح رموز المعارضة في أول تصريحاته الصحفية بعد دخوله القصر مدح من لا يخشى الإحراج من (ناس كمال عمر) والآخرين.. وبالفعل غندور مدح الترابي والصادق ووصفهما بأنهما من الشخصيات الإيجابية والمؤثرة في الحياة السياسية السودانية..
تصريحات غندور تأتي في نفس خط دعوة رئيس البرلمان للمعارضة.. وسياسة الأبواب المشرعة، التي من المفترض أن تتيح المعارضة لنفسها فرصة استيعابها بغرض التجريب المفيد والتعامل معها بإيجابية أكثر بفرضية أنها سياسة جديدة لا يصح الحكم عليها جزافا بلا منطق ولا إقناع يمكنها لاحقا أن تقول (وصلت الكضاب للباب)..!
لكنها لا تريد لا خوض الانتخابات ولا الجلوس للحوار حول أي أجندة تطرحها ولا حتى تقديم مشروعها كاملا بما فيه مسودة الدستور المقترحة حتى تقول إنها أودعت رؤيتها المتوافقة داخليا عليها..على الأقل..
لاحظ رد كمال عمر الناطق الرسمي باسم التحالف والأمين السياسي للمؤتمر الشعبي على دعوات الجلوس للحوار، قال إن دعوة الوطني لم تكن جديدة وزاد: إن الحوار ليس عبثاً يطلبه الوطني متى شاء وأضاف أن الحوار حول الدستور الذي يعتبر أغلى وثيقة وطنية ينبغي أن يتم في ظل حريات مفتوحة داعياً المؤتمر الوطني إلى الموافقة على الحكومة الانتقالية وتنحيه عن مؤسسات الدولة..
وفي تقديري أن المطلوب من تحالف المعارضة أمام تلك الدعوات أن يستجيب مبدأ لدعوة الحوار ثم وبعد الجلوس على الطاولة يتم الاتفاق على جدول أعمال يطرح التحالف مشروعه الذي عبر عنه كمال عمر ليس كشرط مسبق للجلوس في الحوار بل يطرح هذا المشروع داخل الطاولة وعندما يفشل في التوافق حوله كأجندة نقاش من حقه أن يتخذ الموقف الذي يراه مناسبا و(بعين قوية) يتمكن من الرد على الاتهام برفض الجلوس للحوار من الأساس ويقول نحن جلسنا معكم وأنتم لم تقبلوا تقديم التنازل (الفلاني) الذي طرحناه بالمنطق (العلاني) لمصلحة الوفاق السياسي والاستقرار في البلد..
تغيير خطاب الوطني عبر مبادرات جديدة يجب أن يكون التحفظ عليه موضوعيا إذ أن الرجل بدأ بالحسنى وبتقدير دور المعارضة واحترام وجودها ككيانات لها وزنها أليس من المناسب أن تتخيل المعارضة أن يكون في مشروع الحوار الجديد طريق للحل أو فرصة لتطوير الحالة السياسية وتحريكها من مربع الفشل في التواصل طالما أن هناك تغييرا ما حدث في خطاب الحكومة..
وبالمقابل أليس من الظلم للشعب السوداني الصابر أن تكون لغة التعامل مع دعوات الحوار بهذا المستوى اللاموضوعي..؟
اجلسوا يا أخي واطرحوا طرحكم وعند الوصول إلى الطريق المسدود تكون الحيثيات هي الفيصل في تقييم المواقف.. والشعب السوداني شعب واع يعرف من الذي لا يريد التوصل إلى حلول ومن الذي يطرح دعوته بجدية.. اتركوا لنا الفرصة لتقييم الموقف كمواطنين ورأي عام..
ولو افترضنا أن الحكومة وافقت على مشروع التحالف بالنقطة والحرف كشرط للحوار ماذا تبقى للنقاش.. اسمه حوار بين طرفين للوصول إلى نقاط اتفاق وليس حوارا للتحية والمجاملة بين طرفين قدم أحدهما للطرف الآخر التنازل المطلوب قبل أن يبدأ الحوار..
أخشى أن يتحول غندور إلى (نافع جديد) أكثر تطرفا من (نافع القديم) على مستوى الخطاب العدائي للمعارضة بسبب إحباطات كمال عمر المتكررة.. ومحاولات صدم الكلمة الطيبة والمبادرة الإيجابية بحائط السخرية والاستخفاف والتعنت في كل مرة..
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي