كلمات تنبع من قلب يحرقه الأسى أهديها لطفل الأنسولين .
فيا أخوتي قولوا معي لذلك الصغير :
ارفع راسك ….ارفع راسك أيها النبيل فما أنت بسارق .
ويا بني ، ليت الأقدار تنتهي بك حاكما !
فما تتمتع به من مواهب كشف عنه فعلتك التي فعلت وما أنت من الكافرين . فلربما يجري الله الخير على يديك ، وتكون الأمين على خزائن الأرض ،ويعقب هذه السنين العجاف أعوام يغاث فيها الناس ويعصرون .
وأقولها أخرى : ليت الأقدار تنتهي بك حاكما !
فأنت جديرٌ بكل احترام ، أنت مشروع لإنسان شامخ مقدام ، والدليل تلك الفكرة التي دارت بمخك الصغير فلم تتوانَ عن تنفيذها وأقدمت بكل جرأة على تنفيذ ما حسبته حلا لمشكلتك ، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الحاكم .
وثالثة : ليت الأقدار تنتهي بك حاكما !
فالرحمة التي تعمر صدرك تتعدى حدود والدك المريض ، وكفيلة بأن تشمل كل رعيتك ، وليت جزءا منها يتسرب إلى تلك القلوب المتحجرة علها تلين لضعفاء هذا الشعب الذي تضخمت كروشهم من حقه .
وبعد الألف أيضا : ليت الأقدار تنتهي بك حاكما !
فذلك البر الذي دفعك إلى بذل كل وسعك ، وجهدك حري به أن يجعل همك رعيتك
لا هم لها غيرك ، أما نفسك فقد انصهرت في بوتقة الإيثار وتبخر منها خبث الأثرة والأنانية ، فلا تضيع الرعية كما أضاعوها ، وأي رعية أضاعوا ! ليوم كريهة وسداد ثغر!
صغيري ، إني أعتذر إليك وأقول لك :
ارفع راسك …لا ، لا تطأطئ ، بل هم من يطأطئ خجلا وخزيا وعارا ، فلو كانت ضمائرهم حية لبحثوا عنك حتى يجدوك ويعتذروا إليك بل يكرموك لبرك الذي وصل أقصى حد يمكن أن يصل إليه برٌّ .
صدقني أيها النبيل لو كان ما حدث معك قد حدث في زمان الفاروق عمر لاعتزل الحكم ونأى بنفسه في مكان قصيٍّ وبكى وبكى وبكى حتى يحفر حر الدمع أخاديدَ في وجهه …عمر الذي رحم الذميّ المتسول ، أفلم يكن يرحم ضعفك وحاجتك ويفاعك وهمّا قد نؤت به قبل أوانك ؟ بلى واللهِ فهو الفاروق عمر وحسبك به من إمام عادل .
لكنه يا بني هو زمان البقرات العجاف ، فلله الأمر من قبل ومن بعد .
د . غريب الدارين