د. ناهد قرناص: ذهب تفكيري الى هولندا.. .تلك البلاد صغيرة المساحة ,,كبيرة القلب …عظيمة التأثير ..زرتها عدة مرات ..وكل مرة يزداد اعجابي بها اكثر

تلقيت دعوة كريمة من سعادة سفيرة مملكة هولندا بالخرطوم لحضور مؤتمر صحفي يخص المعرض الخاص بالمخطوطات الاسلامية الموجودة بجامعة لايدن بهولندا.. .المخطوطات عمرها يتعدى مئات السنين…تمت المحافظة عليها طوال هذا الوقت والان تعرض في معرض تنقل في بلاد الاسلام ليحط رحاله في الخرطوم في شهر نوفمبر الجاري…

في طريقي الى بيت السفيرة ..ذهب تفكيري الى هولندا.. .تلك البلاد صغيرة المساحة ,,كبيرة القلب …عظيمة التأثير ..زرتها عدة مرات ..وكل مرة يزداد اعجابي بها اكثر …و(مرة أسرح ومرة افرح ومرة تغلبني القراية )..

هولندا عبارة عن لوحة جميلة يبدو انها نزلت من حائط الكون ذات صباح جميل ..تحاوطك الزهور من كل جانب وتتحرش بك الاشجار علانية في الطرقات …ياخذك منظر الأوز والبجع السابح بكل حرية في الجداول ..وتدهشك مجموعات الحيوانات المتجولة في الحدائق ..تحس انها قطعة من الجنة انزلها الله لنا في هذه الدنيا …

ولكن ما لفت نظرى ليست كل هذه المناظر الجميلة وان كانت تستحق ان تخلب اللب أيضا …كنت في انتظار البص في مدينة امستردام وانا في وقفتي تلك اتت فتاتان يبدوا انهما زميلتان في مدرسة عليا او جامعة ..المفارقة كانت في ان احداهما كانت ترتدي النقاب كاملا ..لا يظهر منها شئ وان الثانية كانت ترتدي الجينز والتي شيرت ويبدو انها هولندية مائة بالمائة ..كانتا تتحدثان وتناقشان شيئا ما على كراسة يحملانها سويا ويبدو ان اختلاف الاعتقاد لا يقف حاجزا بينهما ..فالود كان ظاهرا من اللغة المستخدمة فقد كانا تتحدثان الانجليزية مما يعني اختلاف الجنسية واللغة …

في تلك اللحظة تساءلت ماهو الشئ المفقود عندنا لنصل هذه الدرجة من التسامح ؟؟كيف استطاع الهولنديون ان يستوعبوا كل هذه الثقافات المختلفة واللغات المتباينة ليعيش الناس كلهم سواسية كأسنان المشط؟؟ ..ظل ذلك المنظر وذلك التساؤل في ذهني طويلا ..حتى اجابت عليه سعادة السفيرة عندما سألها احد الصحفيين عن تمازج الثقافات وتعايش مختلف السحنات في هولندا رغم صغر المساحة ..قالت السفيرة انه ليس بالأمر الهين ..وانهم يعيشون يوميا مشكلات الأقليات التي اتت بمعتقداتها الي بلادهم وهي بلاد تكفل الحرية للجميع …

وذكرت امثلة كثيرة من محاولاتهم نشر فكرة تقبل الاخر وحفظ حدود حرية الاعتقاد للجميع …ولكن اعتقد ان أقامة معرض للمخطوطات الاسلامية المحفوظة لدي هولندا هو اعظم دليل على احترام تلك الدولة لمعتقدات الاخرين وثقافاتهم …

لا اعتقد انني أضيف الى معلوماتكم شيئا اذا ذكرت لكم ان دولة هولندا صغيرة المساحة الى درجة انها يمكن ان تكون مساوية لمساحة احدى ولاياتنا .ورغم ذلك استطاعت ان تحتوى كل تلك الاختلافات وعجزت بلادنا بكل مساحاتها ان تستوعب ابناء الدين والمعتقد الواحد…فاين تكمن المشكلة؟؟…

الاجابة أيضا وجدتها مع سعادة السفيرة ذلك ان احد المتواجدين طرح عليها فكرة يمكن الاخذ بها ..فرحبت مباشرة بالفكرة ودعته الى مناقشتها وشكرته امام الجمع الكريم ..فوجدتني اقارن تصرفها مع ولاة امورنا الذين يعتقدون انهم هم فقط من يستطيعون التفكير ولا توجد لديهم مساحة لتقبل نقد فكرتهم ..دعك من ان يستمعوا لاراء الاخرين ويستصحبونهم لتنفيذها….

و(لعمري ما ضاقت بلاد باهلها ..ولكن اخلاق الرجال تضيق)..بدأت هذه الزاوية لكي أكتب عن معرض المخطوطات الاسلامية فوجدتني كعادتي دائما احيد عن الخط واكتب عن شئ اخر …على وعد مني ان اكتب عن المعرض في حينه فانا أعتقد جازمة باذن الله انه سيكون اضافة حقيقية لليالي الخرطوم الثقافية …

خاصة ان حفل الافتتاح سيحييه الاستاذ الفنان عبدالقادر سالم يوم الثلاثاء الحادي عشر من نوفمبر الجاري بحدائق متحف السودان القومي ….هل التقيكم هناك ان شا الله؟؟؟ ..ووووصباحكم خير

د. ناهد قرناص

Exit mobile version