عثمان ميرغني: ضربني وبكى.. سبقني واشتكى!!

استجبت إلى استدعاء من نيابة الصحافة ومثلت أمامها للإجابة عن أسئلة المتحري في بلاغ مفتوح ضد صحيفة (التيار).. تصوروا من فتح البلاغ؟؟ هل أعطيكم خيارات كما يقول مذيعو الفضائيات عندما يسألون المشاهد (ما هي عاصمة الكويت؟) فيطالب المشاهد المتصل أن يعطوه خيارات .. فيتفضل عليه المذيع قائلاً (هل هي تونس أم الجزائر أم الكويت؟؟).
طبعاً لن تستطيعوا الإجابة الصحيحة مهما كانت الخيارات سهلة.. وتوفيراً للزمن.. هي هيئة الحج والعمرة.. تصوروا.. أن تتكبد الهيئة مشاق كتابة خطاب تفويض لمن ينوب عنها في البلاغ ثم تقطع المسافة إلى مقر النيابة، وتفتح البلاغ..
الهيئة تقول إنها لم تجوع الحجاج.. وأن ما نشرته “التيار” محض قذف وافتراء ويهتان يستوجب العقاب.. وأن الحجاج (مبسوطين 24 قيراط).. ولم يتذمروا.. وليس هناك أطباء سودانيون تفضلوا وتبرعوا بإطعامهم كما تدعي صحيفة “التيار”- وأن موسم الحج لقي إشادة واسعة رسمية وشعبية.
أثناء استجوابي بواسطة النيابة تصادف أن سمع الشكوى رجل كان قريباً منا.. لم يتردد أملاني اسمه ورقم هاتفه الموبايل وطلب مني أن يكون أول شاهد في المحكمة. قال لي إنه كان حاجاً هذا العام.. وشهد وتعرض بنفسه إلى مأساة التجويع والإهمال مثل بقية الحجاج.
والحقيقة.. إذا شطبت نيابة الصحافة هذا البلاغ فسنسجل أول سابقة في تأريخ النيابة.. نستأنف الشطب، ونطلب تحويل البلاغ إلى المحكمة!!!.
وفي المحكمة سنسجل أول سابقة في تأريخ القضاء السوداني.. عدد الشهود سيكون حوالى (20) ألف حاج.. ستحتاج المحكمة إلى العمل يومياً لمدة عام كامل لإكمال نصفهم فقط.
على رأي المثل السوداني (ضربني وبكى.. سبقني واشتكى).. بعد الإذلال والمهانة التي أشبعت بها هذه الهيئة حجاج بيت الله السودانيين، والجوع المرير الذي تعرضوا له.. حتى تفضل عليهم أبناؤنا الأطباء السودانيون في المملكة وتفضلوا بإطعامهم.. بعد كل هذا تجد هذه الهيئة الجرأة لتطلب إخراس الأصوات التي تدافع عن المواطن المغلوب ضد هذا الظلم العاتي الجارح.
أمس في ندوتها الأسبوعية كالت جمعية حماية المستهلك الاتهامات للهيئة ووصفتها بالسرقة والنهب.. وطالبت بتقديم المسؤولين فيها إلى المحكمة.. لتنظر في الطريقة التي أداروا بها إجراءات الحج هذا العام.
وفي تقديري أن واحداً من أكبر عيوب المجتمع السوداني إضاعة حقوقه بالتغاضي عن استخدام القانون في القضايا التي تمسه بصورة مباشرة.. في الشقيقة مصر المحامون دائماً في صف المواجهة أي قصور في الخدمات أو تهاون في حقوق المواطن تجد من المحامين من يتقدم (محتسباً) برفعها إلى منصة القضاء.. مثل هذه الممارسة تقلل من الجرأة على حقوق المواطن.. وتجعل كل مسؤول يفكر ألف مرة قبل أن يحتسي كوب القهوة ويدلقه على رأس المواطن المغلوب على أمره.
على كال حال.. الهيئة مضطرة إلى فتح البلاغ.. حتى لا يقال إنها (سكتت)، و(السكوت رضا

عثمان ميرغني- التيار

Exit mobile version