أخي الكريم والي الولاية إن الأصل الشرعي الذي تقوم عليه مصالح الناس الاقتصادية الخاصة منها والعامة، هو القاعدة الأصولية الشرعية التي في حديث سيد الأنام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي تقول كما في الحديث الشريف «لا ضرر ولا ضرار»، وهي قاعدة عظيمة تقوم عليها توجهات مصالح الناس.. وأنا أدري تماماً أنك أخي الوالي تدرك هذه الحقيقة وتفهمها جيداً، حيث لا بد من مراعاة كف الضرر ودرء الأذى عند نشوء المصالح العامة والخاصة.
أخي الوالي لو كان الأمر مقصوراً فقط على محلية الخرطوم لكان جدير بنا أن نخاطب الأخ الهمام اللواء عمر نمر معتمد محلية الخرطوم، لكن الأمر عبارة عن طامّة كبرى انتشرت في أسواق ولاية الخرطوم كافة في محلياتها السبع!! وبما أنك القيم عليها المكلف بأمرها، المسؤول أمام الله ثم أمام من ولاك أمرها، فإني أتوجه إليك بهذه الرسالة راجياً منك عبر هذه الرسالة أن توجه الأجهزة ذات الاختصاص لحسم هذه الظاهرة المؤذية.. التلوث الضوضائي والصخب والهرج وتداخل الأصوات المنتشر في أسواق محليات ولاية الخرطوم.. في أسواق السوق العربي وأسواق الكلاكلات والسوق المركزي وأسواق بحري والسوق الشعبي الخرطوم وأم درمان، وسوق أبو زيد بأمبدة وأطراف سوق ليبيا وسوق صابرين وسوق الشنقيطي وعمارة السلام بالسوق العربي وسوق حلة كوكو وسوق «ستة» في الحاج يوسف، وسوق البوستة، وسوق «الأحد» شمال بحري، وأسواق الجمعة في أطراف الولاية، حيث لا يمكن أن يتصور العقل ما يصدر فيها من صخب وضوضاء وصراخ ونداء بأعلى الأصوات عبر مكبرات الصوت التي لا شك في أنها تتسبب في أذى جسيم لكل من في هذه الأسواق بما فيهم أصحاب المحلات التجارية نفسها التي تصدر منها هذه الأصوات والضوضاء الضارة هذه. أخي الوالي إن التلوث يتسبب في أذى جسيم، لأسماع الناس ويتسبب في رفع الضغط والسكري لكثير من المرضى في هذه الأسواق، ويتسبب في رفع معدلات الصداع والشقيقة التي يمكن أن تتطور إلى اصابات وأمراض بالغة الخطورة تشمل الجميع، وفوق هذا كله فإن النداء في الأسواق بأعلى الأصوات مخالف للأدب العام، خارقاً لوشائج الذوق الرفيع منافٍ لأسباب التوكل والقناعة والصبر والسماحة في البيع والشراء والتعامل الراقي من غير ضرر الذي حث عليه شرعنا الحنيف الذي هو روح حضارة إسلامنا الكامل.
أخى الوالي هذا التلوث يصدر بكثرة من المطاعم والكافترياهات والقصابات «الجزارة» ومحلات بيع الملابس الجاهزة ومحلات الخضار والفاكهة ومحلات المشروبات والمرطبات ومواقع بيع شرائح الاتصالات في المواقف العامة وداخل الأسواق وحتى قرب المساجد ودور العبادة، وهذه الأماكن يأتي إليها الناس ضرورة ولا غنى لهم عنها، حيث تتداخل هذه الأصوات وتتألف منها ظاهرة ضوضائية صاخبة مؤذية لكل أذن وقلب بما يشعر الإنسان أنه ليس في الخرطوم وإنما في جوهانسبرج أو في هليوود أو باريس، وهي ظاهرة مؤذية ومدمرة، حتى لقد بلغ ببعضهم استئجار المتشردين والشباب «السكارى» للصراخ والنداء أمام محلات بيع الملبوسات الجاهزة، وتسجيلات صوتية طوال اليوم أمام المطاعم ومحلات بيع المرطبات والمشروبات، هذا التلوث في أسواق ولاية الخرطوم يؤذي ويدمر أسماع آلاف الناس كل يوم، وهي ظاهرة مستمرة تبدأ من الصباح الباكر وتستمر حتى الساعات المتأخرة من الليل كل يوم.
أخي الوالي لماذا لا تحرك الولاية أجهزتها المختصة لعلاج هذه الظاهرة؟ ولماذا تكتفي المحليات بتحصيل الرسوم من هذه المحلات دون أن تكترث لصحة الناس وحماية أبدانها وجوارحهم من الإتلاف المتعمد؟ لماذا يترك الأمر على هذه الشاكلة من الفوضى والأذى والتلوث الذي يتسبب في خسائر صحية واقتصادية وأخلاقية وحضارية؟ لماذا لا تقوم الولاية بتوجيه التجار وأهل هذه المحلات بفقه البيوع والتبادل التجاري الذي يمكن أن يخلق بيئة حضارية تقينا هذه الفوضى المجنونة العارمة التي تهدم كل شيء من القيم ومراعاة حرمة الآخرين؟ لماذا لا ننطلق من القاعدة الإسلامية العظيمة «لا ضرر ولا ضرار».
أخي الوالي نحن نثق في حسن استجابتك بتوجيه الأجهزة والإخوة معتمدي المحليات وأركان حرب الولاية للقضاء على هذه الظاهرة الغريبة.. إننا ننشد أن نرى عاصمتنا حضارية.. ثقافية.. واعية.. متحضرة.. نظيفة.. بعيدة عن حالة الجنون والرقص والطرب السوقي والتلوث الضوضائي والصوتي المؤذي المتعمدة.. نأمل أن نرى حسن استجابتكم خدمةً للناس والبلاد.
صحيفة الإنتباهة
ت.أ