الهندي عز الدين : الدكاترة في أوروبا شغلهم الشاغل عملهم وأبحاثهم والمشاركة في المؤتمرات والكورسات الطبية، أما غالب الأطباء عندنا فتركيزهم في جمع أكبر قدر من المال لشراء البيوت والشقق ..إذا أحب أطباؤنا مهنتهم فلن يحتاج سوداني واحد للسفر إلى الخارج

[JUSTIFY]قد ينتظر المريض في ألمانيا نحو أسبوعين أو ثلاثة ليجد حجزاً في مركز لفحص الرنين المغناطيسي، وقد يبقى شهراً أو شهرين ليحظى بسرير للعلاج في مستشفى حكومي أوخاص ببرلين، بينما يمكن لمريض سوداني أن يخضع لفحص الرنين خلال ساعتين أو ثلاث في مركز أو مستشفى بشارع الاسبتالية بالخرطوم أو أم درمان!!
‭}‬وقد يكون جهاز الرنين بمستشفى خاص بالخرطوم أحدث من أجهزة مستخدمة بمراكز ومستشفيات ألمانية، ولكن ما هو الفرق إذن بين العلاج هنا وهناك ولماذا هو شاسع ؟!
‭}‬ السبب الأساسي أن الأطباء وفنيي المختبرات والأشعة في العالم الأول، يركزون في متابعة الحالات والاهتمام بمرضاهم، والدقة والإتقان في تشخيص المرض دون أدنى مجال لخطأ، ثم تحديد العلاج المناسب.
‭}‬الدكاترة في أوروبا شغلهم الشاغل عملهم وأبحاثهم والمشاركة في المؤتمرات والكورسات الطبية، أما غالب الأطباء عندنا فتركيزهم في جمع أكبر قدر من المال لشراء البيوت والشقق، ليس الأطباء وحدهم، بل المهندسين والصيادلة والمحامين والضباط والوزراء والسفراء، وكل أصحاب المهن في مجتمعنا الذي تحول لمجتمع (مادي) بحت، الكل يسعى فيه للثراء السريع السهل . . والثراء الفاحش!!
‭}‬الطبيب في ألمانيا ليس من اهتماماته بناء البيوت أو شراء السيارات، رغم أنه يعيش في مجتمع رأسمالي مادي، ولكنهم تعودوا أن يجمعوا المال لينفقوه على أبحاثهم أو دراساتهم أو إجازاتهم، وغالبهم يسكنون شققاً من غرفتين أو ثلاث، ولديهم سيارات مثلما يملكون دراجات هوائية.
‭}‬كبار الجراحين عندنا قد لا يكملون العمليات، يترك الجرح لنائب الاختصاصي وبقية الطاقم، فينسى بعضهم القطن والشاس في بطن المريض، كما حدث في حالات عديدة!!
‭}‬عندما أدخلوني غرفة العمليات بمستشفى (شراتييه) في برلين لأخذ عينة دم من مفصل الساق، للتأكد من وجود بكتريا سببت المرض من عدمها، هالني أنني وجدت طاقماً من (8) أشخاص، يتقدمهم بروفيسور في الجراحة، عرفني بنفسه وأنا على النقالة (أنا بروفيسور فلان . . سآخذ منك عينة الدم) . . عملية لم تستغرق (ربع ساعة) تفرغ لها بروف !! مثلها في السودان تترك للنواب والأطباء العموميين (بروف فلان عندنا ما فاضي للكلام الفارغ دا)!!
‭}‬اختصاصية الأشعة (الألمانية) كانت مصرة على أخذ صورة للرأس لطفلة سودانية، بينما طلب الطبيب صورة للعمود الفقري فقط!! لماذا لأنها تريد أن تتأكد من احتمال وجود رابط مرضي بين عرض على العمود الفقري والدماغ!! فاكتشفت خللاً ثالثاً متعلقاً باللوزة الثالثة، ونصحت بإجراء عملية لإزالتها لإمكانية تسببها في تأخر نمو الدماغ !!
‭}‬من يفعل هذا في السودان وسط الزهاجى والزهجانات والمتسرعين والمتسرعات في حقلنا الطبي؟!!
‭}‬قبل أسابيع أجرى مريض سوداني فحصاً للرأس بالأشعة المقطعية في مركز حكومي ببحري، في نهاية التقرير ترك الاختصاصي علامة استفهام لما لم يستطع أن يفهمه في الصورة. وعن طريق المشافهة قال الفني إنهم يشكون في وجود ورم بالرأس!! فحبسوا التقرير عندهم أياماً بحجة إحالته لمستشفى خاص شهير بالخرطوم للتأكد من صحة الافتراض أو عكسه!!
‭}‬أصيب المريض بالفزع، باع (الحافلة) التي تعتاش منها الأسرة وطار إلى “القاهرة”!! ولحسن الحظ وبعد إجراء فحص شامل، تأكد عدم وجود أي ورم، بل مجرد جفاف بالعين اليسرى أدى إلى إصابة مستمرة بالصداع!! وتعالج صاحبنا بقطرة وأقراص وعاد للسودان مع أسرته سعيداً بسلامته، ولكنه فقد (الحافلة) فكيف له بمصدر رزق قريب ؟!!
‭}‬إذا أحب أطباؤنا مهنتهم، وركزوا فيها وجودوا وأخلصوا لها، وتفرغوا لمرضاهم – وهم بالمناسبة على المستوى النظري، أذكى أطباء العرب والأفارقة والدليل عدد الأطباء السودانيين بالخليج وبريطانيا وأمريكا – فلن يحتاج سوداني واحد للسفر إلى الأردن أو مصر أو ألمانيا للعلاج.

المجهر السياسي
خ.ي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version