د. ناهد قرناص: احد القراء في موقع النيلين ظل يهاجم كتاباتي متهما اياي بالسطحية واضاعة وقته

قرأت تصريحا لبابا الفاتيكان يعلن فيه اعترافه بنظرية التطور وانها لا تتنافى مع اعتقاد وجود الله وايماننا بانه الخالق لهذا الكون وبذلك ينهي البابا حالة من البرود كانت سائدة بين الكنيسة والعلماء مدة طويلة من الزمن كانت الكنيسة فيه هي العدو اللدود لكل النظريات العلمية وفي عصر سمي بالعصور المظلمة انكرت الكنيسة فيه نظريات اثبتها العلم مثل نظرية كروية الارض ودورانها حول الشمس وكذلك كانت الكنيسة أول من انكر نظرية دارون واتهمته بالزندقة وانكار وجود الاله وهدات الاحوال بين الكنيسة والعلماء عندما اعلنت حالة فصل الدين عن الدولة التي استمرت حتى اعلان الهدنة من قبل البابا

فوجد العلماء في الغرب مساحتهم من الحرية فابدعوا وساهموا في جعل الحياة أسهل واجمل الشئ الغريب ان في تلك العصور المظلمة للكنيسة كان الدين الاسلامي رافعا راية العلم ومتصالحا مع العلماء فكانت اكتشافات ابن الهيثم وقانون ابن سينا وتألق الخوارزمي و ابداعات جابر بن حيان

وعندما تصالحت الكنيسة مع العلم تراجع الدين الاسلامي عن موقفه وصارت عبارة التكفير هي السابقة لكل شئ حتى دون التمعن في تفاصيله

أذكر انني كنت في بدايات عملي كباحث في الجينات الوراثية وفي احدي المحاضرات التي يستوجب عملي القاءها عن تطور الحمض النووي وتفاعله مع الطبيعة من حوله وكذلك التقنيات التي يمكن تطبيقها عليه اتيت على ذكر تقنية الاستنساخ كاحد الانجازات لعلم الجينات فما كان من احد الدارسين الا أن استشاط غضبا وكال لي مجموعة من التكفيرات والخروج عن الملة وخرج من القاعة وهو يستغفر ويستعيذ بالله من هكذا شطحات وقفت مذهولة لغضبه وسألت بقية الحضور ان كان في حديثي مساس بالعقيدة ؟؟

خرج ذلك الشاب من القاعة وكنت اريد ان استبقيه ليعرف فقط اصل الفكرة ولو من باب (اعرف عدوك) فلا يمكن ان تعلن رفضك لشئ لم تدرسه ولا تعرف أي شئ عن تفاصيلهكان من الممكن بهدوء ان نجلس لندرس ما قاله دارون ونحاول اخضاعه للعقيدة السليمة وصراحة كل ما توغلت في العلم قليلا زاد ايماني بوجود خالق مبدع قدير لكل هذه الاشياء فوحدة الوجود تدل على وحدانية الموجد وكل دقيقة امضيها في المعمل تجدني اردد (سبحان الله )

دقة التكوين وجميل التفاصيل والنظام الدقيق الذي تسير به التعليمات والشفرة المتبادلة بين الحمض النووي والانزيمات تجعلك تسبح الخالق في كل لحظة هل احلم بان يتصالح معنا علماء الدين ويحاولون ايجاد جسر لمناقشة الافكار والاكتشافات الحديثة ويسمعون لبعض ما ننادي به من تحرر للعقل وتفتح للذهن تجاه اكتشافات يمكن ان تدفع بالانسانية للامام ويكون فيها حل لمشاكل مستعصية ؟؟

مثال لذلك تقنية الاستنساخ التي لا تخلق حمضا نوويا من العدم ولا كذلك تخلق انزيما من لا شئ كل ما في الأمر ان العلماء استفادوا من الحمض النووي الموجود في الخلايا العادية وزرعوه في بويضة لينقسم الى خلايا جذعية اولية ويكون مجموعة خلايا متخصصة هل تساءلنا يوما ما ان هذا الامر يمكن الاستفادة منه في زرع الأعضاء؟ ليساهم في شفاء الكثيرين ممن توقفت أكبادهم او الكلى في أجسامهم عن العمل ؟ ي

مكن ببساطة ان يستنسخ الجزء المريض ويعاد زراعته في ذات الشخص ولا يساورنا القلق من ان يرفض الجسم العضو المزروع . هل توقفنا لحظة لنفكر ان الابحاث في الاستنساخ يمكن ان تساهم في علاج عقم الرجال وهو المستعصي على العلاج اكثر من عقم النساء!!!

أذكر ان احد القراء في موقع النيلين ظل يهاجم كتاباتي متهما اياي بالسطحية واضاعة وقته ويطالبني بان اكتب في تخصصي ولم اكن أريد ان أقول له ان الكتابة في تخصصي يمنع من ظهورها التعذر وخوف الاتهام بالعلمانية ولكنني اليوم تذكرت الاية التي تقول (انما يخشى الله من عباده العلماء) فدعوت الله ان اكون ممن يسجد لخشيته ويرجو رحمته الى يوم القيامة وووصباحكم خير

د. ناهد قرناص

Exit mobile version