كان نجم الليلة الأول معتمد محلية الخرطوم اللواء “عمر نمر” الذي استلم منبر الخطابة، وأبى أن يتزحزح عنه حتى يكمل تحياته وتشكراته المتتالية للجميع بمن فيهم هيئة وعمال نظافة المحلية الذين أثنى عليهم ثناءً غزيراً وخاصاً!!
حال النظافة في المحلية وباقي المحليات مؤسف بل مقرف، والمعتمد رغم ذلك يرسل تحاياه، ربما أنجزوا تنظيف مكان الاحتفال.. فهو بالتأكيد لا يقصد مستوى نظافة المحلية غير الخافي، لا على النائب الأول ولا على السيد الرئيس نفسه!!
تحدث “عمر نمر” عن إنجازات الحكومة والولاية حديثاً مسرفاً في الخيال، بعيداً عن الواقع المعاش، وقد كانت ملامح بعض الحاضرين من العامة التي رصدتها الكاميرا أثناء حديث اللواء “نمر” تسخر من تلك المزاعم.
عزيزي “عمر نمر”.. لقد ذكرت في خطبتك المطولة أنك تسعد بنقد الإعلام كسعادتك بثنائه، وعليه، فإنك رددت أنكم فرحتم بكفالة الأيتام، ورعاية الفقراء وتوفير الوجبات للطلاب المساكين، وأنكم سعداء بانقضاء عام الصحة موفقاً!! وعام التعليم!! وأنكم تطالبون الوالي بأن يكون العام المقبل عام المرأة والرياضة. يعني الصحة تمام والتعليم ما في كلام . . مدارس الحكومة والكتب والكنب والمدرسين والناس خلت التعليم الخاص أبو عشرة وعشرين مليون ؟!!
إذا سمع “عمر نمر” أحد (الأجانب) خارج السودان لثوانٍ عند تحريكه الريموت كنترول من قناة لأخرى، سيظن واهماً أن السودان أصبح سويسرا . .!!
عن أي أيتام تتكلم؟ وعن أي فقراء تتحدث، وكأنه لم يعد في محلية الخرطوم بل كل محليات الولاية، من بات جائعاً أو مريضاً لا يملك ثمن الدواء، أو طالبة عجزت أسرتها عن سداد مصاريف المدرسة أو الجامعة!!
مئات الآلاف يرزحون تحت خط الفقر في محلية الخرطوم، وملايين في ولاية الخرطوم لا يكفي دخل أرباب أسرهم لمصروفات أسبوع واحد من شهر طويل .
النساء المتعففات يرهن (الختم) و(الحلقان) في الصيدليات للحصول على دواء منقذ للحياة، لمريض يرقد في مستشفى الخرطوم أو إبراهيم مالك. وظلت ترد إلينا في الصحف وما زالت عشرات الحالات لمعسرين طلاباً وطالبات، ومرضى، وأرامل عاجزات عن سداد إيجارات البيوت.
شخصياً تصلني باستمرار قائمة طويلة من الحالات المفجعة، وأنا على استعداد لتحويلها لمكتب معتمد الخرطوم، أو منظمة (أم الفقراء) التي ترعاها السيدة الفضلى حرم الرئيس “فاطمة خالد” أو منظمة (بت البلد الخيرية) التي تقودها السيدة حرم النائب الأول لرئيس الجمهورية، غير أنني واثق من تجاربي مع هيئات ومنظمات وأفراد، أن أصحاب الحالات سيعودون بخفي حنين!!
عمل جيد وكبير.. إنشاء صالة للألعاب الرياضية للنساء..وكرنفال جميل.. وحضور نسوي كثيف تقدمته زوجات السيد الرئيس، والسيد النائب الأول والسيد والي الخرطوم، ولكن المطلوب انفتاح هذا الحضور بدرجة أكبر ومستوى أعمق على المجتمع، حتى يخرج منادي “عمر نمر” كما خرج منادي ”عمر بن عبد العزيز” في الشام: (هل من جائع . . هل من مريض.. هل من محتاج..؟؟) فيعود خائباً دون أن يجيبه أحد . .!!
المجهر السياسي
خ.ي